مجزرة صبرا وشاتيلا.

مجزرة صبرا وشاتيلا... الجرح النازف
1982
مرت الذكرى ال23 على واحدة من أروع وأبشع الإبداعات في القتل والهمجية... على لوحة لم يستطع غبار الزمن إخفاءها ولم يستطع التاريخ طمس معالمها. رغم القهر... رغم المعاناة... رغم الألم مازالت صبرا وشاتيلا على قيد الحياة وها هي المجزرة رغم السنون مازالت شاهدة لم تستطع النسيان. مجزرة صبرا وشاتيلا... الجرح النازف ... جرح شعب مازال يجمع أشلاءه... جرح أرض مازالت تأن وتصرخ كما هي الحال في دير ياسين والحرم الإبراهيمي ... وصولاً إلى جنين وشفاعمرو.
مرت الذكرى ال23 على واحدة من أروع وأبشع الإبداعات في القتل والهمجية... على لوحة لم يستطع غبار الزمن إخفاءها ولم يستطع التاريخ طمس معالمها. رغم القهر... رغم المعاناة... رغم الألم مازالت صبرا وشاتيلا على قيد الحياة وها هي المجزرة رغم السنون مازالت شاهدة لم تستطع النسيان. مجزرة صبرا وشاتيلا... الجرح النازف ... جرح شعب مازال يجمع أشلاءه... جرح أرض مازالت تأن وتصرخ كما هي الحال في دير ياسين والحرم الإبراهيمي ... وصولاً إلى جنين وشفاعمرو. وتبدء قصة المجزرة بعد ساعات قليلة من دخول جيش الإحتلال الإسرائيلي إلى مناطق بيروت الغربية وضاحيتها الجنوبية إبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان برفقة الحليف الذي كان هذه المرة ليس كغيرها من المرات عربيا لبنانيا يتمثل بحزب الكتائب. وبعد إعلان الحليفان ضرورة تطهير المخيمات من الإرهابيين (الفدائيين) وفق خطة وضعت مسبقاُ. بدءت عملية الإبادة يوم الخميس في 16 أيلول 1982 لتنتهي يوم السبت في 18 أيلول 1982. والجدير بالذكر أن تسمية المجزرة بمجزرة مخيم صبرا وشاتيلا هو خاطئ ورغم أنها التسمية الوحيدة ولكنها لم تسمى هكذا عبثاُ. مخيم صبرا لم يوجد يوماُ بل هي منطقة مجاورة خارج حدود المخيم ومتاخمة لمنطقة الطريق الجديدة. ذات غالبية سكان لبنانية عكس مخيم شاتيلا الذي تغلب فيه أكثرية الللاجئين الفلسطينيين. والأرجح أنها سميت كذلك لامتزاج الدم اللبناني بالدم الفلسطيني الذي أبيح في هذه المجزرة ونظراُ أيضاٌ لفقر المنطقتين الشديد سميت كذلك. ولقد شملت المجزرة منطقة بئر حسن ومنطقة صبرا ومخيم شاتيلا وما يحيطه.
وبعد الإتفاق بين الحليفين على مجريات الخطة أبقي على حصار المخيم من قبل الجيش الإسرائيلي ومنع الدخول أو الخروج منه أي قام فعلياُ بعزله عن الجوار ومن ثم توقف القصف المدفعي على المخيم وتوقت أيضاُ رصاصات القناصة الإسرائيليين مفسحة المجال لرجال الكتائب بتنفيذ مهامهم. وكان شعارهم كما صرح أحد ضباطهم "بدون عواطف, الله يرحمه" وكانت كلمة السر -أخضر- وتعني أن طريق الدم مفتوح. هذه تلخص مهام هؤلاء الرجال. لم يدخلوا المخيم بحثاُ عن إرهابيين (كما زعموا) وإن وجدوا فلماذا لم نسمع عن أي محاولة لردع هذا الهجوم ولو حتى رصاصة واحدة.دخلوا المخيم واستخدموا جميع أنواع الأسلحة: الرشاشات، البنادق والسلاح الأبيض مفترسين كل ما في طريقهم. فلم ينجوا لا الفلسطينيين ولا اللبنانيين من سخط وجنون العدو -لم يفرقوا بين رجل وامرأة أو شيخ وطفل... كل كان له نصيب من هذه المجزرة حتى الحوامل بقرت بطونهم وهدمت البيوت فوق رؤوس ساكنيها. ثلاثة أيام والمجزرة مستمرة على مدى ساعات اليوم ال24 ولم تعلم وسائل الإعلام بخبر المجزرة إلا بعد انتهائها فرغم ما تسرب من أخبار عن مجزرة تدور في المنطقة لم يستطع أحد إستيعاب الأحداث وما يجري إلا بعد انهائها. ليدخل الصحافيين من بعدها إلى المخيم أو كومة الرماد كما صار ليتفاجؤوا بأحد ضباط الجيش الكتائبي يصرح أن "سيوف وبنادق المسيحيين ستلاحق الفلسطينيين في كل مكان وسنقضي عليهم نهائياُ. وتناقلت الصحافة صور أشلاء وأجزاء بشرية في الطرقات والزواريب.. شلالات الدماء تغطي المخيم فاضت فوق الفبور الجماعية التي ضمت آلاف الفلسطينيين واللبنانيين. وحاول الجيش الإسرائيلي إخفاء آثار المذبحة ومعالم الحريمة مستخدماً الجرافات والآليات لكنه فشل. وفي غمرة الأحداث وتسارعها دخل الصليب الأحمر إلى المخيم بعد صعوبات ومنوعات فرضها الجيش الإسرائيلي. لكن في النهاية كانت الحصيلة 3297 شهيدا من سكان مخيم شاتيلا ال20000 ومنهم 136 شهيداُ لبنانياُ موزعين على شوارع وزواريب مخيم شاتيلا (1800 شهيد), مستشفى عكا في بئر حسن (400 شهيد) ومستشفى غزة في أرض جلول (1097 شهيد). وكما هي الحال في الماضي والحاضر سارع حكام العرب إلى إعراب أسفهم عما حدث واصفين ما حصل بجريمة حرب وهنا يقف خطابهم. ودعا المجتمع الدولي إلى تأليف لجان للتحقيق في الجريمة لكن هذه اللجان لم تصل لأي نتيجة أو حتى لم تدخل حيز الوجود أصلاُ لاصطدامها بحائط الردع الأميركي. وتشكلت لجنة تحقيق إسرائيلية بقيادة القاضي كيهان التي

سميت لاحقاُ هذه اللجنة بإسمه. وتوصلت هذه اللجنة إلى عدة أمور منها أت لجيش الإسرائيلي لا يتحمل المسؤولية المباشرة عن المجزرة وألقت المسؤولية كاملة على ضباط حزب الكتائب (إيلي حبيقة و فادي أفرام). وأيضا عزل شارون من منصبه بعد أن كان قائدالوحدة الخاصة 101 في جيش الإحتلال الإسرائيلي التي حاصرت المخيم.وبعد اعتبار ما خصل جريمة شنعاء أقيمت محكمة عسكرية كنتيجة أخرى للتحقيقات غرمت لواء الجيش الإسرائيلي ب10 قروش = 14 سنتاُ أميركياُ لأنه أسيء فهم أوامره كما وتم توبيخه وقد سمي الحكم بقرش شدمي لشدة ما به من سخف واستخفاف بمفهوم القضاء. هذه كانت ردة فعل المجتمع الدولي, فجريمة حرب تهز شعوب العالم أجمع لا تهز حكومات الغرب والشرق قيد أنملة. مع أن اتفاقية جنيف عام 1949 والبروتوكول المتعلق بها عام 1977 ينص على أن تقوم الدول بمحاكمة الأشخاص المرتكبين لهذه الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم. بعدما غابت الحقيقة خلف الأفق كالشمس ولكن بلا عودة وبعدما كان كل مخيم وكل ساحة ملعب لتركيع وسفك دماء الشعب الفلسطيني أصبح من العار التخفي في تقاليد الجبن والرجعية. فها هي المجزرة تدخل عامها ال23 بلا إسم ... بلا عنوان... بلا قضية ...محت أمواج الصمت الألوان ومات صدى الدماء في جوف الأرض.

مجزرة حديثة – العراق

مجزرة حديثة – العراق
2005
في صبيحة يوم 19/11/2005 وفي الساعة السابعة والربع مرت دورية امريكية في الشارع المؤدي الى الحي العسكري
من الجهة الجنوبية ولدى مرورها انفجرت عبوة ناسفة على احدى العربات الامريكي وأدت الى تدميرها بالكامل وعلى الفور طوقت القوات الامريكية مكان الحادث وذلك في منطقة السبحاني وقامت باقتحام الدور المجاورة وعددها 9 بيوت واعتقلت كل من كان فيها وقامت بتخريب كل محتوياتها وبعد ذلك انتقلو الى دار المواطن عبد الحميد حسن علي وقامت بقتل كل من في الدار وعلى الشكل التالي:
1-قتل المواطن عبد الحميد حسن علي مواليد 1929 متقاعد وذلك باطلاق الرصاص في البطن والصدر ورمي رمانة يدوية عليه وهو مقعد على سريره كونه مبتور الساق لمرض الم به.
2-قتل المواطن جهيد عبد الحميد حسن علي وهو من مواليد 1962 موظف في شركة ك3 وذلك باطلاق الرصاص على الصدر ونثر دماغه.
3-قتل الموطن وليد عبد الحميد حسن علي مواليد 1968 موظف في اوقاف الانبار / حديثة وذلك بحرق الجثة بالكامل جراء اطلاق صاروخ حارق في غرفة نومه.
4-قتل الموطن رشيد عبد الحميد حسن علي مواليد 1977 وذلك باطلاق الرصاص على الكتف وعلى الرأس
5-قتل المواطنة خميسة طعمة علي زوجة المواطن عبد الحميد حسن علي مواليد 1939 وذلك باطلاق الرصاص على الظهر.
6-قتل المواطنة اسماء سلمان رصيف زوجة المواطن وليد عبد الحميد حسن مواليد 1973 وذلك باطلاق الرصاص على رأسها
7-قتل الطفل عبدالله وليد عبد الحميد مواليد 2001 وذلك بإطلاق الرصاص على الصدر.
وقد نجا من دار الموطن عبد الحميد حسن على زوجة ولده رشيد عبد الحميد حسن المدعوة هبة وهي شاهدة عيان على الجريمة وقد خرجت من الدار وهي تحمل الطفلة اسيا وليد عبد الحميد وهي من مواليد 2005 وكذلك خرج الطفلان ايمان وليد عبد الحميد مواليد 1997 وعبد الرحمن وليد عبد الحميد مواليد 1999 وبعد قتل من في الدار قام الجنود بحرق الدار جزئيا وسرقة مبالغ نقدية تقدر ب7000000ملايين دينار عراقي

بعد ذلك انتقلوا الى دار المواطن يونس سالم رصيف وقاموا بقتل كل من في الدار وعلى النحو التالي:
1-قتل المواطن يونس سالم رصيف مواليد 1962 موظف في الحدود وذلك باطلاق الرصاص في البطن والصدر
2-قتل المواطنة عائدة ياسين احمد زوجة المواطن يونس سالم رصيف مواليد 1965 وهي على فراشها كونها خضعت لعملية جراحية قبل ثلاثة ايام من الحادث وذلك باطلاق الرصاص على الرقبة واعلى الصدر.
3-قتل المواطن محمد يونس سالم مواليد 1997 طالب مدرسة وذلك باطلاق الرصاص في اليد والساعد الايمن
وتركه ينزف حتى الموت.
4-قتل المواطنة نور يونس سالم مواليد 1991 وذلك باطلاق الرصاص على الراس وتهشيمه.
5- قتل المواطنة سبأ يونس سالم مواليد 1995 وذلك باطلاق الرصاص على الصدر.
6-قتل المواطنة زينب يونس سالم مواليد 2000 وذلك باطلاق الرصاص على الصدر والبطن.
7-قتل المواطنة عائشة يونس سالم مواليد 2002 وذلك باطلاق الرصاص على الصدر.
8-قتل المواطنة هدى ياسين احمد شقيقة عائدة ياسين احمد كانت تعودها في دارها وذلك باطلاق الرصاص على الصدر والناجية الوحيدة من هذه المجزرة هي الطفلة صفا يونس سالم.

وبعد ذلك انتقلوا الى الجهة الاخرى وقاموا باقتحام بيت عايد احمد الغريري وقاموا بقتل كل من:
1-جمال عايد احمد مواليد 1966 تاجر سيارات.
2-جاسب عايد احمد مواليد 1977 ضابط مرور.
3-مروان عايد احمد مواليد 1978 مهندس في بلدية حديثة.
4-قحطان عايد احمد عامل كمرك

كذلك قاموا بقتل 5 اشخاص كانو يستقلون سيارة اجرة للذهاب الى بغداد للالتحاق بكلياتهم وهم كل من:
1-خالد عيادة عبد الزاوي مواليد1982 موظف في مصفى البيجي.
2-وجدي عيادة عبد الزاوي مواليد 1985 طالب معهد تقني.
3-اكرم حميد فليح المشهداني مواليد 1986 طالب معهد تقني.
4-محمد بتال محمود الغريري مواليد 1985 طالب معهد تقني.
5-احمد فنر مصلح الحديثي مواليد 1985 سائق السيارة

وقد جرح المواطن اوس فهمي حسين وتم اعتقال العشرات من الدور المحيطة ولم يسمح لاي شخص بالاقتراب الى اليوم التالي حيث تبين ان القوات الامريكية قامت بنقل الجثث الى مستشفى حديثة العام علما انه لم يجري اطلاق رصاص
او تبادل لاطلاق النار بين اي شخص او مسلح مع القوات الامريكية عند وقوع الحادث كما يدعي الجانب الامريكي وقد قامت لجنة مكونة من ضابط امريكي يدعى جيزاني وضابط اخر مسؤل امني لقاعدة عين الاسد وضابط امريكي اخر مسؤول عن الشؤون المدنية في حديثة بالالتقاء بممثل عن العوائل المنكوبة وقدموا تعويضا قدرة 2500$ لكل شخص من العائلتين الاوليتين ومبلغ مماثل لدار عبد الحميد حسن علي في حين عوضت بيت يونس سالم رصيف 250$ كونه
متضرر جزئيا كما يدعون وقدمت اعتذارا شفاهيا ورفضت تقديم اعتذار خطي كما رفضت تعويض الاشخاص الذين قتلوا
في السيارة واولاد عايد احمد الغريري.

وزارت حديثة اخيرا لجنة تحقيق فدرالية مازالت تجري تحقيقاتها هذا بالضبط ما حصل واقرب ما يكون الى الدقة والحقيقة

مجزرة بيت حانون

مجزرة بيت حانون- فلسطين
2006
الزمان: تمام الخامسة والربع من صباح يوم الأربعاء الماضي.المكان: شارع حمد بحي الزيتون التابع لبلدة بيت حانون.الهدف: أكثر من ستة منازل لمواطنين فلسطينين من عائلات 'العثامين.. أبو عودة.. الكفارنة..أبو جراد'.الحدث: مذبحة مروعة راح ضحيتها نحو 35 شهيدا، وعدد كبير من الجرحي، ولم لا وقد استمر القصف المدفعي المركز علي المنازل المستهدفة لعدة دقائق؟!اطلقت خلالها الدبابات الصهيونية نحو 11 قذيفة، استهدفت ­ جميعها ­ المنازل بشكل مباشر.. الشهداء والمصابون كانوا آمنين في بيوتهم.. في المساء تأكدت السيدات أن الأبناء استعدوا ­ صباحا ­ للذهاب للمدارس.. لكن الموت تعجل.. دخل من الحوائط والنوافذ مع القذائف الصهيونية إلي غرف النوم.. تهدمت البيوت فوق رءوس أهلها.. اختلطت أشلاء الشهداء بالحجارة وأثاث المنازل.. لونت الأتربة الجثث.. الشهداء أطفال في سن البراءة.. عجائز .. شباب ورجال.. تحول الشارع أمام المنازل المستهدفة الي بركة من الدماء.. الجثث مقطعة، التصق بعضها بالجدران الناجون من المذبحة قالوا: كنا نائمين، استيقظنا علي سقوط القذائف القريبة.. ومع دوي الانفجار الأول اعتقدنا أنها مجرد عملية محدودة من تلك التي نتعرض لها يوميا، لكن تواصل الانفجارات نبهنا الي أن هناك حدثا دمويا كبيرا.. كان الزجاج يتطاير.. القذائف قتلت الأمهات.. الشقيقات.. استشهد الإخوة والآباء.. سارعنا بالخروج من المنازل.. شاهدنا سيقانا ورءوسا وأيادي مبعثرة وأشخاصا يخرجون من منازلهم وقد غطتهم الدماء.. سارعنا بنقل المصابين والجثث إلي مستشفيات شمال غزة، ومجمع الشفاء.. بكينا بحرقة علي اسرة واحدة استشهد منها سبعة اشقاء.. لقد كان الشهداء متعاونين، محبين للخير، تحول منزلهم إلي كومة من الأنقاض.مشهد آخر مهيب، خرجت فيه الجماهير الغفيرة لتشيع الشهداء..آلاف المواطنين توافدوا للمشاركة في المراسم.. اختلطت مشاعر الحزن والغضب، مع مطالب الوحدة والتكاتف الوطني.. انطلق الموكب الجنائزي من مستشفي 'مجمع الشفاء الطبي' بمدينة غزة.. مر بشوارع المدينة الرئيسية.. أدان المشيعون الصمت الدولي علي جرائم الاحتلال.. جددوا حسرتهم علي تواضع المواقف العربية ­ الرسمية ­ رفضت الجماهير بيانات الشجب والإدانة.بدوره كان الكيان الصهيوني يتابع ما يحدث، شعر قادته ببراكين الغضب التي أوشكت علي الانفجار.. سارع الصهاينة لامتصاص ردود الفعل الغاضبة من جراء المجزرة.. راح وزير الحرب الصهيوني 'عمير بيرتس' يعلن أن ..المجزرة لم تكن مقصودة وأنها نتجت عن انحراف بسبب خلل في وسائل التوجيه التي تقوم بتقدير مكان سقوط القذائف'!!والسؤال: إذا كانت مجزرة 'بيت حانون' وقعت بسبب خلل في أجهزة توجيه القذائف.. فتري ما هي الأسباب التي يبرر بها الكيان الصهيوني المجازر اليومية التي تشهدها الأراضي المحتلة؟الحقيقة أن كل الطرق كانت تدفع بإسرائيل إلي ارتكاب مجزرة بيت حانون!بحسابات السياسة.. بعوامل القوة.. بالظروف النفسية السيئة التي يعيشها قادة الكيان الصهيوني، منذ انتهاء حربهم البربرية في الجنوب اللبناني، كل الأبواب كانت مفتوحة علي مصاريعها، أمام لغة التحريض الداخلية في الشارع الصهيوني المتطرف بطبعه، والذي ازداد تطرفا لعوامل أو لنقل هزائم متتالية مني بها علي كل الأصعدة وهو يتابع تدهور طموحاته الاستعمارية تباعا.

ظلت الحكومة الصهيونية راغبة في تحقيق أي إنجاز عسكري، عله يعوض خسائرها الداخلية والخارجية وحتي تحافظ علي مكانتها في الكنيست، التي تأثرت بضم 'إسرائيل بيتنا' الحزب الأكثر تطرفا في اسرائيل برئاسة الصهيوني المتشدد افيجدور ليبرمان، وهو الحزب الذي استخدمه اولمرت كطوق نجاة عقب حصوله علي تأييد 7 % فقط من الجمهور الصهيوني في أول استطلاع نشر بعد العدوان علي لبنان.وكشف الإعلام الصهيوني عن حالة التطرف المتصاعدة داخل اسرائيل، عبر تركيزه علي حملة متواصلة للتخويف من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي اعتبرتها صحيفة 'هآرتس' مجرد 'ورم خبيث يجب اجتثاثه'!وبينما السفاحون الصهاينة يفكرون بهذا المنطق وينفذون مخططات الاجتياح، والاغتيالات، والقصف، والنسف والتدمير، كنا ­ نحن ­ غارقين في تساؤلات متتابعة ومتسارعة، حول أهمية التحركات الإقليمية والدولية التي يمكنها انقاذ الأوضاع المتدهورة في الأراضي المحتلة، وهل تتولي حماس هذه التحركات
منفردة ­ أم بمشاركة كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، كل بحسب علاقاته الإقليمية والدولية؟ وإلي أي مدي يمكننا التعويل علي نتائج ايجابية للاجتماع المفتوح لمجلس الجامعة العربية (علي مستوي المندوبين الدائمين) أو حتي عقد قمة طارئة (علي مستوي وزراء الخارجية) لبحث التطورات الدرامية في الداخل الفلسطيني؟ وما هو مصير الوساطة التي تتم بجهود فلسطينية بين الرئيس محمود عباس (أبومازن) من ناحية، وقيادات حماس في الداخل من ناحية أخري، بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية؟لكن من قال إن قذائف العدو ،معداته العسكرية تعرف الصبر؟!.. هي لا تعرف سوي لغة واحدة.. لغة الدم مدادها، والجثث حروفها، واستيطان الأراضي صفحاتها، لا وقت لديها للتفاوض، ومد الأيدي بالسلام، لذا شرع الجيش الصهيوني قبل أيام من مذبحة بيت حانون في تنفيذ عملية 'غيوم الخريف'، وهي ليست أكثر من اسم ­ جديد ­ لحملة تدمير تقليدية/ منهجية في قطاع غزة، بدأت الحملة بناء علي تعليمات من المجلس الوزاري الأمني المصغر الذي قرر 'مواصلة الضغط العسكري ليس علي حماس فقط لكن لرغبة صهيونية في اجهاض حالة التوافق الفلسطيني التي بدأت تلوح في الأفق، كي

يغلقوا بها كل الأبواب التي قد تفضي بالفلسطينيين إلي مخرج من المأزق السياسي والاقتصادي الذي يعيشونه.. ولم ينكر السفاحون الصهاينة أن غيوم الخريف مجرد تمهيد لعملية عسكرية أكثر اتساعا'.وبوحشية نفذ 'موني كاتس قائد اللواء الشمالي في فرقة غزة' الموكل له قيادة العملية مهمته بنجاح حيث تعرضت معظم طرق وشوارع بلدة بيت حانون لعملية تدمير منهجي، وبينما تشير الإحصائيات إلي أن عدد المنازل التي تعرضت للتدمير بدرجات متفاوتة بلغ 400 منزل، فقد شهدت الأراضي الزراعية عمليات تجريف واسعة، حتي شبكات الكهرباء والتليفونات وخطوط المياه والصرف الصحي لم تسلم من التخريب، ووصل عدد المنشآت العامة والتجارية التي خربت إلي 50 منشأة بينها ثلاثة مساجد أحدها مسجد أثري تم تدميره بالكامل!ومنذ بدأ الجيش الصهيوني في تنفيذ حملة غيوم الغضب (بداية نوفمبر الجاري) خلفت العملية عشرات الشهداء والجرحي، الذين ارتفع عددهم إلي نحو 95 شهيدا، وأكثر من 350 جريحا، بينهم 55 جريحا يعانون من إصابات حرجة للغاية، علي أن المجزرة التي وقعت صباح الإربعاء الماضي في منطقة بيت حانون ارتفعت بحصيلة الشهداء الفلسطينيين بعدما راح ضحيتها أكثر من 32 شهيدا فلسطينيا، نصفهم من الاطفال، وغالبيتهم من عائلة واحدة.يكشف تباين الآراء الإقليمية والدولية التي علقت علي المجزرة دقة التوقيت الذي اختارته إسرائيل موعدا لعمليتها، حيث إن الأطراف السياسية كانت قد اقتربت من الاتفاق علي ملامح خطاب التكليف، المقرر أن يحدد فيه الرئيس محمود عباس أبو مازن الخطوط العريضة للحكومة الجديدة، ومن واقع التسريبات فإن نص الخطاب لم يكن يطالب الحكومة الجديدة بالاعتراف باسرائيل، بل هو أقرب للغة العمومية التي ترضي جميع الأطراف الداخلية.من جانبها كانت الاجواء الدولية مواتية، خاصة انشغال الإدارة الأمريكية (الجمهورية) التي أعلنت 'مجرد الأسف لما حدث' وهو أمر ارتبط في واقع الأمر بحرصها علي أصوات اللوبي اليهودي في انتخابات الكونجرس، كما لم تزد ردود الفعل الإقليمية والدولية علي اعلان الشجب والتنديد بما حدث.وفي ظل حالة التخاذل الدولي، لم يجد مطلب المجموعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومجموعة عدم الانحياز الداعي لعقد جلسة فورية لمجلس الأمن أي استجابة، حتي مع مشروع القرار الذي يطالب إسرائيل ب'الوقف الفوري لعدوانها، والانسحاب من غزة ووقف النار بين الجانبين، وارسال مراقبين دوليين للاشراف علي وقف النار، وتشكيل لجنة تحقيق في المجزرة. كما يدعو الأسرة الدولية الي خطوات فورية، واتخاذ إجراءات لبناء الثقة بين الطرفين!!!!'.تراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن .. لم يعد ينتقد حماس.. أعلن الحداد العام، وتنكيس العلم الفلسطيني ثلاثة أيام في الاراضي الفلسطينية، واعترف صراحة بمخطط اسرائيل: 'لا تريد لنا ان نتفق، وكلما اقتربنا من الوصول الي حلول تبدأ في ارتكاب المجازر'أما تصريحات رئيس الوزراء إسماعيل هنية فقد تسببت في خلق حالة من البلبلة عندما أعلن خلال جلسة طارئة عقدتها حكومته، تعليق المفاوضات الداخلية الخاصة بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ما جعل رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل يوضح من مقر اقامته في دمشق أن هذا الملف لم يغلق تماما، وأن تصريحات 'هنية' تعني وقف المفاوضات في ظل الظروف بالغة الحساسية التي تعيشها الأراضي المحتلة، لكن 'مشعل' بدوره أكد أن التهدئة بين حماس واسرائيل انتهت رسميا بنهاية العام الماضي، ومن ثم فإن رد الجناح العسكري للحركة (كتائب الشهيد عز الدين القسام) علي مذبحة بيت حانون مفتوح علي كل الخيارات.يقول المراقبون إن اسرائيل القت من حيث لا تدري بطوق النجاة لحركة حماس المتمسكة بثوابتها، وهي الثوابت التي ظلت اتهامات تطارد الحركة من أسرة المصالح الدولية والتي اعتبرتها اللجنة الرباعية الدولية عقبات في طريق اتمام حل نهائي يحسم الصراع العربي الإسرائيلي، كما يلقي اقدام اسرائيل علي ارتكاب مجزرة بيت حانون بالكرة في ملعب المراهنين علي منح العدو مزيدا من الاعترافات المجانية، والذين يدعمون الإبقاء علي محاصرة الشعب الفلسطيني والمحرضين علي بقاء حماس، كي تتخلي عن ثوابتها من ثم التمهيد للانقلاب عليها

تل الزعتر- لبنان

تل الزعتر- لبنان
1976
لم يكن حافظ الأسد سفاحاً للشعب السوري فقط ، بل وصل إرهابـه للشعب اللبناني والفلسطيني ، وقتل من الفلسطينين في (تل الزعتر ) أضعاف ماقتله الصهاينة ، واحتل لبنان ليعيث فيها الفساد كما فعل في سوريا .وليتخذ ضباطه من الساحل اللبناني موانئ لبواخرهم التي تنقل المخدرات من منطقة الشرق الأوسط إلى أوربا .
كانت لبنان الرئة الاحتياطية للمواطن السوري ، يتنفس منها عندما تحاول السلطة السورية خنقه ، فالسفر إلى لبنان بالبطاقة الشخصية ، وحالما يشعر المواطن السوري بزوار آخر الليل ( المخابرات ) اقتربوا من بيته ، يهرب من البيت ، وفي الصباح يستطيع السفر إلى لبنان ، ومن هناك إلى أي بلد في العالم . وأدرك حافظ الأسد أنه لن يستطيع إذلال الشعب السوري وتجويعه وترويضه ؛ إلا إذا سيطر على لبنان ، لذلك بدأ يتدخل في السياسة الطائفية اللبنانية ، من أجل السيطرة على لبنـان لإحكام السيطرة على الشعب السوري ، وإذلاله وتحقيق ما تريده إسرائيل .
ثم دخل لبنان تحت مظلة ( قوات الردع ) وصار يقف إلى جانب فئة ليقتل فئة أخرى ، فوقف مع النصارى الصليبيين ضد الفلسطينيين :[ ففي 28/ 9/1973م ألقى بيار الجميل زعيم حزب الكتائب بياناً في المؤتمر السنوي السادس للكتائب قال فيه : إننا نلاحظ بفرح وأمل أن الإخوان السوريين ( يقصد النظام السوري ) ؛ يبدون في هذه الأيام انفتاحاٌ مهماً على ماكانوا يعتبرونه انعزالية ورجعية في تفكيرنا ) . وفي 10/9/ 1974م تم عقد لقاء بين ممثلين عن الكتائب ووفد سوري برئاسة عاصم قانصوه ـ رئيس البعث الأسدي في لبنان ـ وعلق بيار الجميل فقال : قانصوه صديق قديم ؛ نتعاون معه دائماً لتقريب وجهات النظر بين حزبينا ) . وفي 7/12/ 1975 زار بيار الجميل دمشق واستقبل فيها كالرؤساء ، وفي نهاية الزيارة صرح قائلاً : يوجه حزب الكتائب تحية الشكر والإكبار للرئيس حافظ الأسد ، ويعتبر الحزب أن هذه الزيارة تكمل ما بدئ به منذ سنتين ، على صعيد توطيد العلاقات مع الشقيقة سوريا ، وبعد ذلك يصرح عاصم قانصوه : إن حزب الكتائب أكثر وطنية من بعض الفئات التي تدعي ذلك . ( انظر كتاب محمد عبد الغني النواوي ـ الصراع العربي الإسرائيلي ـ وقد نقل عن الصحف اللبنانية مثل صحيفة الأنوار) . ولهذا كان دخول الجيش السوري إلى لبنان إنقاذاً للموارنة من هزيمة مؤكدة ، وقد نشرت الأخبار القاهرية في 16/6/ 1976م قول كميل شمعون : لقد اتفقنا مع سوريا على خطط ترضينا . ثم وصل كميل شمعون إلى دمشق في 9/8/1976م وصرح يقول : أنه يثق ثقة كاملة بالرئيس حافظ الأسد ، وأن سوريا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع فرض السلام في لبنان .
ونفذ مجزرة ( تل الزعتر) التي قتل فيها ألوف الفلسطينيين ، بعد أن قطع عن الحي الماء والكهرباء والطعام عدة أيام، مماجعل بعض الأهالي كما قيل يأكلون الكلاب خوفاً من الموت جوعاً .
ثم وقف مع الدروز ليقتل النصارى ، ومرة أخرى وقف مع جماعة أمل الشيعية ليقتل الدروز ، ثم وقف مع العلويين والشيوعيين ليقتل المسلمين السنة في طرابلس ، وهكذا يتضح أن مهمته في لبنان هي القتل ، ولم ينج من رصاصه أحـد ، أما الشيعة من جماعة أمل وحزب الله فقد كواهم بناره أكثر من مـرة .

موافقــة الولايات المتحدة وإســرائيل
لكن كيف يدخل لبنان ، ويتصرف فيه حسب مصالحه الشخصية والطائفية والعشائرية ؟ لابد من موافقة الولايات المتحدة وإسرائيل ، وقد استطاع حافظ الأسد أن يحصل على هذه الموافقة ؛ عندما تعهد بتصفية المقاومــة الفلسطينية واللبنانية ، فقد نشـرت صحيفــة الجماهير الأســترالية أنه في يوم (12/4/ 1976م ) اجتمع في جونية كل من رفعت الأسد و(دين براون ) مبعوث الرئيس الأمريكي وعدد من قادة اليمين اللبناني ( الكتائب وأمثالها) واتفق المجتمعون على :
1ــ دعم ومساندة النظام السوري ، والسماح للمخابرات الأمريكية بتواجد أكبر في دمشق لكشف المخططات المعادية للنظام .
2 ـــ إضفاء صفة المشروعية على الوجود السوري في لبنان .
3ــ التمديد الدوري لقوات الطوارئ الدولية في الجولان .
4ــ تضع سوريا المقاومة اللبنانية تحت سلطانها ، وتضرب اليسار في الداخل والخارج .
5ــ تتعهد الولايات المتحدة بعدم تحرك إسرائيل على الجبهة السورية .
وفي ( 21/ 1 /1976م ) تحدث ناطق رسمي باسم البيت الأبيض قال إن الرئيس فورد تخلى عن معارضته لتدخل عسكري خارجي في لبنان ، وإن الولايات المتحدة كان من الضروري عليها ، أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة ومآرب سوريا ونواياها .
وفي( 29 / 1 /1976م )تحدث ناطق رسمي باسم الخارجية الأمريكية قائلاً إن الولايات المتحدة تعترف بأهمية الدور الذي تقوم به سوريا ، بالنسبة لتسوية الأزمة اللبنانية .
وفي ( 27 / 1 /1976م ) نقلت وكالة اليونايتد برس من واشنطن بأنها كانت تقوم بنقل الرسائل من الكيان الصهيوني إلى سوريا ، حول الوضع في الجنوب اللبناني ، وقال (فريدريك براون) إننا على اتصال مع حكومات إسرائيل وسوريا ولبنان ، وإننا نراقب الوضع عن كثب ، واعترفت الصحف الإسرائيلية بأن اتصالات من هذا النوع قد جرت ، وأوضحت أن سوريا أكدت لمسؤولين أمريكيين أن وجود قواتها في الجنوب إنما يستهدف المقاومة واليساريين اللبنانيين . ولهذا وقف اليهود والأمريكان إلى جانب التدخل السوري في لبنـــان .
ونقلت رويتر في (15 / 4 /1976م ) قول كيسنجر إن الولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً في لبنان ، وإننا شجعنا البادرة السورية هناك ، وإن الوضع يسير لصالحنا ويمكن رؤية خطوط تسوية .
ونقلت الشرق الأوسط في ( 18 / 8 /1977م ) في تعليق لها على اجتماع الأسد بكارتر في جنيف تقول :
إن عملية إخضاع المقاومــة اللبنانية والفلسطينية في لبنان ، كانت جزءاً من استراتيجية كبيرة ، لإضعاف المقاومة ومعارضي التسوية ، وقدم كارتر للأسد مكافأته بالاستجابة إلى طلبه والاجتمــاع به في جنيــف بدلاً من واشنطن ، كما كان يفعل مع غيره من الرؤساء العرب .
وصرح موشي دايان لوكالة الصحافة الفرنسية في ( 5 / 6 /1976م ) قائلاً إن على إسرائيل أن تظل في موقف المراقب ، حتى لو غزت القوات السورية بيروت واخترقت الخط الأحمر ، لأن غزو القوات السورية للبنان ، ليس عملاً موجهاً ضد أمن إسرائيل.
ونقلت إذاعة إسرائيل عند بداية التدخل السوري في لبنان تصريحاً لرئيس وزراء إسرائيل (إسحق رابين ) قال : إن إسرائيل لا تجد سبباً يدعوها لمنع الجيش السوري من التوغل في لبنان ، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين ، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم دعم للفلسطينيين ، ويجب علينا أن لانزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحسنة بالنسبة لنا .
ونشرت مؤسسة الدراسات الفلسطينية في العدد ( 12)تاريخ (30/ 6/1980م ) عن صحيفة ها آرس الصهيونية مايلي :
يتوقع رئيس شعبة الاستخبارات الصهيونية اللواء (يهو شاع ساغي )، تصعيداً في عمليات المقاومة من الأردن ، لأنهم يواجهون مصاعب في لبنان ، ولأن الجولان مغلقة أمامهم ، وإن أخطار نشوب حرب في العام القادم ضئيلة ، إلا في حال حدوث تغيرات مفاجئة مثل انقلاب في سوريا ، أو تدهور الوضع في لبنان .( انظر محمد عبد الغني النواوي ـ الصراع العربي الإسرائيلي ) .

عمليات جيـش الأسـد في لبنـان
هب المســلمون صفاً واحداً بعد مجزرة ( الكارنتينا ) التي دبرها حزب الكتائب ضد المسلمين ، وانضم المسلمون يقاتلون في إطار منظمة التحرير أو الحركة الوطنية أو جيش لبنان العربي ، وتمكنت القوات الوطنية من احتلال شتورا ، وزحلة ، وزغرتا ، والدامور ، والسعديات ، ودارت الدائرة على الموارنة وسائر الصليبيين ، وأخذت مدفعية جيش لبنان العربي تدك قصر الرئاسة في بعبدا ، فهرب رئيس الجمهورية سليمان فرنجية إلى زغرتا ، وسيطر الجيش العربي على معظم لبنان بقيادة الضابط أحمد الخطيب ، وبات مؤكداً أن الوضع سينتهي لمصلحة الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية ، وفي هذا الظرف الحرج تحرك حافظ الأسد لينفذ الأوامر التي صدرت إليه من تل أبيب وواشنطن .

وبمجرد وصول القوات السورية بعد موافقة جامعة الدول العربية التي تكفلت بتغطية نفقات قوات الردع السورية ، تخلت الصاعقة عن منظمة التحرير ، كما تخلى حزب البعث اللبناني عن الحركة الوطنية ، وهكذا شق الأسد المنظمة والحركة منذ اليوم الأول ، كما تخلت أمل الشيعية عن جيش لبنان العربي والحركة الوطنية ، بعد أوامر موسى الصدر لهم ، ووقف الدروز على الحياد يتفرجون على ذبح المسلمين،وهاهي النتائج العسكرية :
1ــ انتصرت القوات السورية انتصاراً ساحقاً على القوات المشتركة في سهل البقاع وعكار والجبل وصيدا ، وفرضت حصاراً في البر والبحر والجو ، ومنعت وصول المؤن والذخائر إلى المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية ،واستولت القوات السورية على مواد غذائية أرسلت من الفلسطينين في الخليج إلى القوات المشتركة .
2 ــ تركت القوات السورية ميناء جونية الذي يسيطر عليه حزب الكتائب ، ليتنفس منه الموارنة والصليبيون ، والتجار من الضباط السوريين الكبار .
3 ــ طارد الجيش السوري كل معارض سوري أو لبناني، واعتقله أو قتله إن لم يتمكن من الفــرار .
4 ــ ساهمت القوات السورية في حصار تل الزعتر ، بالتعاون مع الكتائب ، وبدأ الحصار في أواخر حزيران ، وسقط المخيم في (14 / 8 / 1976م ) بعد حصار أكثر من شهر ونصف ، ومنعت القوات السورية وصول الطعام والماء والذخيرة إلى المخيم ، كما شاركت في الإعدامات وهتك الأعراض والنهب تحت قيادة العقيد علي مدني [ قائد الشرطة العسكرية ، ومن رجال الحركة التصحيحية 1971م] .
5 ــ فعلت منظمة الصاعقة وقوات الردع السورية الأفاعيل في لبنان من نهب المصارف، والسيارات والمخازن والمستودعات .

قـال الفلسطينيون عن الأســد
يقول كمال جنبلاط في كتابه ( هذه وصيتي ) في الصفحة ( 105) : نقل عن ياسر عرفات قوله للأسد عند اجتماعه به في (27/3/1976م) إن قلب المقاومة ومستقبلها موجود في لبنان ، وإن إرهاب الجيش السوري والصاعقة لن يفيد ، وإنه يعز علينا أن نصطدم بالجيش السوري ونحن على مرمى مدفعية العدو الصهيوني والأسطول السادس الأمريكي . فكان رد الأسد ( ليس هناك كيان فلسطيني ، وليس هناك شعب فلسطيني ، بل سوريا وأنتم جزء من الشعب السوري ، وفلسطين جزء من سوريا ، وإذن نحن المسؤولون السوريون الممثلون الحقيقيون للشعب الفلسطيني).[ أقول : هذا هو منطق الحزب القومي السوري المنقرض ، والذي يتناقض أساساً مع عقيدة حزب البعث العربي الاشتراكي ، والذي يطل برأسـه اليوم ليدخل الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا ] .
ويقول صلاح خلف ( أبو إياد يرحمه الله ) في مجالسه الخاصة أرسل ياسر عرفات اثنتي عشرة رسالة إلى حافظ الأسد يطالبه بفك الحصار المفروض علينا في بيروت ، وعندما لم يتلق جوابـاً أرسل مبعوثاً خاصاً، وبعد أن سلم رسالة عرفات ، وعرض عليه سوء الأوضاع وصلف العدو أجاب الأسـد :
(أنـاأريـد أن تهلـكوا جميعـاً لأنكم أوبــاش)

يقول صلاح خلف ( يرحمه الله ): عندئذ أدركنا تآمر أسد علينا ، وأن له أوثق العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة وحزب الكتائب .
وفي حزيران (1982م) اجتاحت إسرائيل لبنان ، ووصلت إلى بيروت وحاصرت الفلسطينيين،ولم يستطع حافظ الأسد أن يحميه منهم ، وعندما حاول استخدام السلاح الجوي السوري تساقط كالعصافير بالصواريخ الإسرائيلية، وخسرت سوريا معظم طائراتها يومذاك .[ أقول : وسرذلك أن النظام السوري سـرح الطيارين الأكفاء ، وأبعدهم عن سلاح الجو السوري خوفاً منهم ، وترك أزلامه ومؤيديه فقط].
ثم ترسخ الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان ( الحزام الأمني ) ، كما ترسخ الوجود السوري في شمال لبنان ووسطه ، وكانت هناك خطوط حمراء معترف بها سراً بين سوريا وإسرائيل بواسطة الولايات المتحدة . وصارت إسرائيل تقتل اللبنانيين والجيش السوري يتفرج عليهم ، كما في مذبحة ( قــانــا ) عام( 1996م ) ، وقانا تبعد عشرات الكيلومترات عن تمركز القوات السورية في لبنان وعددها قرابة أربعين ألف جندي [حدثني زميل أثق به أدى خدمته العسكرية في الجيش السوري في لبنان يقول : كنا متمركزين في عمارة (غير جاهزة ، على العظم ) بالقرب من البقاع ، وكانت المدفعية الإسرائيلية تقصف المنطقة دوماً ، وتدمر مواقع للفلسطينيين والمقاومة اللبنانية بالقرب من مواقعنا ، ولما امتلأت العمارة التي نسكنها بالأوسـاخ ، وطلب الضباط الصغار أن ننتقل منها إلى عمارة مجاورة أخرى رفض قائد الكتيبة طلبنا ، وبقينا عدة شــهور في هذه العمارة ، وقد امتلأت بالأوساخ ؛ مع وجود عمارات أخرى فارغة ، واستنتجنا فيما بعد أن هذه العمارة محملة عند إسرائيل ؛ على الخرائط العسكرية عندهم ، كي يتحاشونها أثناء القصف المدفعي .
وذات يوم كنا ثلاث دوريات على حدود الحزام الأمني ، دورية سورية ، والثانية فلسطينية ، والثالثة للمقاومة اللبنانية ، وكان على الدوريات أن تمر بفاصل زمني قرابة نصف ساعة بين الدورية والأخرى ، يقول مرت الدورية الفلسطينية ، في سيارة جيب صغيرة ، ومع ذلك قصفها الأسرائيليون وأصابوا السيارة وهرب الفلسطينيون منها ، ثم جاء دورنا بعد نصف سـاعة ، وكررت الشهادتين لأنني أيقنت بالموت عندها ، ومعنا سيارة شاحنة ( زيل ) كبيرة جداً ولها هوائي طويل ويشاهد من مسافات بعيدة ، ولما وصلنا إلى السيارة الفلسطينية المحترقة ترجلنا وأزحنا ها عن الطريق ؛ ثم عدنا إلى سيارتنا الكبيرة ، وتابعنا المسير بسلام ، ولم تطلق علينا إسرائيل أياً من صواريخها ؛ كما أطلقته على الدورية الفلسطينية ، ولما جاء دور دورية المقاومة اللبنانية الذين اطمأنوا نوعاً ما لأن الإسرائيليين لم يقصفونا ، ووصلوا إلى المنعطف الخطير قصفهم الإسرائيليون وأعطبوا سيارتهم ..

مجزرة قانا الثانية

مجزرة قانا الثانية 2006
لبنان
كانوا قد دخلوا في اليوم التاسع عشر من الحرب. في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. ثلاثة وستون من عائلتي شلهوب وهاشم في قانا، جلهم أطفال. تخيل كم كانت ليلتهم بائسة! اصطحبوا معهم إلى الملجأ قليلا من الألعاب. الكبار كانوا يضيقون بفوضى الأطفال المحشورين بزنزانة تحولت إلى قبر لاحقا. لكنهم كانوا يكظمون غيظهم علّ أيام السجن والحرب تنتهي ويعود الأطفال إلى سابق عهدهم في بيوت الفلاحين الواسعة. تناول الأطفال طعام العشاء. وتناول الرضع حليبهم. في منتصف الليل وجد محدثي إبراهيم شلهوب فرصة لتناول الشاي مع ابن عمه. فشاركه بالصاروخ بدلا من كوب الشاي، وفقد ابن عمه عائلته كاملة، الزوجة والأطفال.
كل طفل من الأطفال السبعة والثلاثين الذين قضوا كانت له قصة. اختصرت في مشهد دامٍ. عندما وصلت لمكان المجزرة شعرت كم هو رخيص الدم العربي والمسلم. من أفغانستان إلى العراق إلى فلسطين وأخيرا لبنان. حتى قيمة الجثث لا تزيد – حقيقة– على ألف وخمسمائة دولار تعويضا عن القتيل، هذا عندما يدفع الأميركيون تعويضات. أما الإسرائيليون فلا يدفعون ابتداء.
كنت أنظر إلى كل طفل يخرج من بين الركام وأتذكر أطفالي. كم هي بشعة المجزرة وكم هو بشع الإعلام. تحولت جثث الأطفال المقدسة إلى ما يشبه عرض الأزياء. تتراكم الكاميرات حولها، وتتسابق لأخذ اللقطات لها، كانوا بملابس النوم. وخرجوا من الأنقاض وكأنهم نيام. صورة ملائكية، المجزرة كثفت براءتهم. في غضون انتشال الجثث لم يكف الطيران الإسرائيلي عن التحليق. هل عجز هذا الطيران الذي يراقب كل شبر في لبنان عن اكتشاف ملجأ يؤوي عوائل عزلا؟! كيف سيكتشف إذن مخابئ الصواريخ؟
ثماني ساعات فصلت بين وصولنا نحن والصليب الأحمر وبين وقوع المجزرة. فالمنطقة مقطعة الأوصال بحجة قطع الإمدادات عن عناصر حزب الله. ولا تجد شارعا في الجنوب لم يتعرض لقصف. ومن يغامر بسلوك الطرق المدمرة لا يأمن غارات الطائرات التي تستهدف – في كثير من المناطق– كل ما يتحرك.
عندما قدمت الخبر للمشاهدين باعتباره قانا الثانية، كانت قد وصلتني معلومات أولية صباحا. المصدر قال إن الشهداء نحو عشرين. قلت إن في كل يوم قانا مصغرة. مجازر بالتقسيط لا دفعة واحدة. عندما وصلت كانت الفاجعة فوق الوصف. شاهدت بالصور صبرا وشاتيلا وقانا الأولى، وقرأنا عن دير ياسين وغيرها، لم أكن أتوقع أن جيلي سيواصل توثيق المجازر.
لن تكون المجزرة الأخيرة، لسبب بسيط. ليس لأن المجرمين لا يعاقبون. بل لأنهم يكافؤون. شارون الذي كادت أن تحاكمه محكمة بلجيكية ووبخته لجنة التحقيق الإسرائيلية في مجزرة صبرا وشاتيلا يصلي العالم "المتحضر" في سبيل إيقاظه من غيبوبته. وقبل أن يدخلها كان يعامل بطل سلام. بيريز صاحب "الشرق الأوسط الجديد" هو بطل قانا. وأولمرت سيكافأ على مجزرته ولن يعاقب.
العالم العربي والإسلامي قيد الانفجار، ليس مظاهرات وصخبا، وهو إن انفجر، فسيترحم العالم على الحادي عشر من سبتمبر. من مصلحة العالم ألا يحدث الانفجار. من مصلحة العالم أن لا يكافَأ المجرم، أما معاقبته فتلك مهمة يتكفل بها العرب والمسلمون أنفسهم
مجزرة قانا الثانية 2006

مجزرة قانا الاولى

مجزرة قانا الاولى - لبنان 1996
يتّخذ الإرهاب الصهيوني أشكالاً متعددة لتحقيق أهدافه، فمن عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية إلى المجازر والمذابح الجماعية التي باتت أوسمة تُعلّق على صدور الإرهابيين اليهود وقادتهم كلّما شنّو عدواناً أو مارسوا إرهاباً ضد المواطنين والأبرياء
وتأتي مجزرة "قانا" لتشكّل دليلاً دامغاً على عقلية الإرهاب الصهيوني الذي بثّ أحقاده في العدوان الذي تعرّض له لبنان في شهر نيسان/أبريل من عام 1996م، والذي أطلق عليه الصهاينة إسم حملة "عناقيد الغضب".
و"قانا" قرية لبنانية جنوبية وادعة، عانت كما عانى الجنوب من الاحتلال الصهيوني، ودفعت ضريبة الدم في 18نيسان/ أبريل 1996م، عندما كان العدو الصهيوني يقذف حمم حقده على المواطنين الآمنين، الذين التجأوا إلى مركزٍ تابع لقوات الأمم المتحدة لحماية أطفالهم وعوائلهم من القصف، لكن وجودهم تحت حماية الأمم المتحدة وفي ظل علم السلام الدولي لم يشفع لهم فتساقطت القذائف بعد الساعة الثانية من ظهر ذلك اليوم ،بالتوقيت المحلي، على مقرّ الكتيبة الفيجية التابعة للأمم المتحدة ما أدّى إلى حدوث مجزرة رهيبة ذهب ضحيتها أكثر من مئة من المدنيين الذين احترقوا وتطايرت أشلاؤهم مسجّلة صفحة جديدة من صفحات الإرهاب الصهيوني المدعوم أمريكياً.

ورغم كل هذا الإرهاب فقد تغاضت الحكومات، وخاصة الأمريكية، عن الأمر وحمّلت المسؤولية "للضحايا"!! الذين رفضوا مغادرة أرضهم تحت تأثير التهديدات الصهيونية العدوانية.

وقد برز الحقد الصهيوني في مقابلة أجرتها مجلة "كل المدينة" الإسرائيلية، حين قال خمسة من جنود العدو أن قائد مربض المدفعية قال لجنوده: "إننا رماة ماهرون.. وهناك ملايين من العرب على أي حال، إنها مشكلتهم، وسواء زاد العرب أو نقصوا واحداً فالأمر سيان، لقد قمنا بواجبنا... كان يجب أن نطلق مزيداً من القذائف لنقتل مزيداً من العرب".

ولكن كل هذه الجرائم والمجازر لم ترهبنا، بل أنبتت الدماء الطاهرة جهاداً وصموداً ومقاومة طوت تاريخ الذلّ والهزيمة وصنعت للأمة صفحة من البطولة والانتصار

مجزرة جنين

مجزرة جنين - فلسطين
2002
لم يكن بالإمكان قراءة فصول المأساة الفلسطينية، دون استحضار مجزرة مخيم جنين، تلك التي وقعت فجر الثالث من نيسان/ أبريل 2002، التي سقط فيها عدد من الشهداء والجرحى، بالإضافة إلى حجم الخراب والدمار الذي تركته تلك المجزرة الرهيبة.كانت عملية "السور الواقي" ذات الطراز الإسرائيلي، قد انطلقت شرارتها الأولى قبل اقتحام مخيم جنين، وبالتحديد صبيحة يوم الجمعة، في الثامن والعشرين من آذار/ مارس 2002، بعيد فشل الأمن الإسرائيلي في توقيف وإنهاء العمليات الاستشهادية التي هزت ذلك الكيان داخل الخط الأخضر. ولم يكن بوسع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون سوى تصدير أزمته باتجاه تنفيذ عملية عسكرية واسعة تطال الأخضر واليابس، لكافة مدن الضفة الغربية. حتى أن الرجل "شارون" استكفى بنصائح جنوده حول تكثيف حربه الضروس على الفلسطينيين، وعدم الانصياع لرغبة القمة العربية التي انعقدت في لبنان، نهاية شهر آذار 2002، أي بعد العملية العسكرية الإسرائيلية بيوم واحد، حيث طالبت بإنهاء تلك العملية المذكورة. القمة "البيروتية" أعلنت استعداها للتفاعل مع إسرائيل، في حال وافقت الأخيرة على مطالب القمة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية التي احتلتها إبان العام 1967، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، لكن الموقف الإسرائيلي المتعنت والمتصلب انكشف لحظة رفض إسرائيل لكل ما يتصل بإنهاء الصراع والشروع في عملية السلام، وآثر هذا الموقف الانزواء خلف الحرب الأمريكية التي شنها الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن على ما يسمى "بالإرهاب".في مجزرة جنين، أثبتت إسرائيل عنصريتها وهمجيتها المطلقة بامتياز، وأطلقت أبواق العالم كله ضدها وضد ما قامت به في الضفة الغربية، ومجزرة جنين ما هي إلا شاهد العيان الذي عايش فصول الحقد الإسرائيلي الهمجي. البداية
اتجهت عشرات الدبابات والآليات صوب المخيم، وطوقته من جميع الجهات، مدعومة بالطائرات المروحية، في انتظار لحظة التحين والانقضاض على مخيم جنين لنشر الموت في أرجائه، عدا عن مئات الجنود المشاة الذين كانوا يتهيئون لمعركة مع رجالات المخيم، معتقدين أنهم في نزال كتب لهم فيه النصر مسبقاً! في غضون ذلك، كان أبناء المخيم يتأهبون استعداداً لملاقاة عدو انتظروا قدومه. بدأوا بشحذ الهمم وتشمير السواعد، فيما نصبوا الكمائن ونشروا العبوات في مداخل الطرق والأزقة، قناصة يتحركون هنا وهناك، في حين أعلن المقاومون عزمهم على الشهادة، مودعين أهلهم، ومنتشرين إلى مجموعات، فهذا في غرب المخيم وآخر في شرقه، كأن المخيم وحاراته وأزقته ممتلئ بهم. أول شهيدةبدأت المعركة باشتباكات مسلحة في أنحاء متفرقة من المخيم، ومع انطلاق أول رصاصة، بدأ المحتلون استهداف كل ما يتحرك على الأرض، وتمركز قناصتهم على أسطح المنازل وحتى في دور العبادة، فقد جاء الجنود وهم يستهدفون الحياة وكل رموز البقاء في المخيم.ومع استغاثة أول مصاب بالقرب من "بيت الجمال"، خرجت المواطنة رفيدة الجمال لتسعفه، فقتلها قناص متمركز في جامع "عمر بن الخطاب" الذي استباحه الغزاة، برصاصات أصابتها، حتى سقطت شهيدة ومن ثم خرجت شقيقتها فدوى لإسعافها، فلم يتوانى القناص عن إطلاق رصاصاته الغادرة عليها، فأرداها قتيلة، وكانت أول شهيدة تسقط في المخيم.منذ تلك الجريمة وحتى الحادي عشر من نيسان، سقط 55 شهيداً على الأقل، وقد وثق مستشفى الرازي في جنين أسماء العديد منهم، فيما بقيت هوية آخرين مجهولة، وتضاربت الأنباء حول العدد الحقيقي للضحايا الذين سقطوا في المجزرة، فهناك من ذكر بأنهم أكثر من 70، بالإضافة إلى إمكانية وجود عدد من الجثامين تحت أنقاض المباني المدمرة، وأشار البعض إلى احتمال دفن قوات الاحتلال لعدد من جثامين الشهداء سراً.زلزال مدمر...ولم يرفع الطوق المشدد حول المخيم إلا في الثامن عشر من الشهر نفسه، وكان قد رفع جزئياً في السادس عشر منه، وتدخلت بعد ذلك المؤسسات الإنسانية لتعاين مدى الدمار الذي حل بالمخيم، ومدى المعاناة التي فرضها طغيان الاحتلال على المواطنين.فقد أصيب ممثلو الهيئات الإنسانية وكل من زار المخيم بالصدمة من هول ما رأوه من دمار حاق بالمخيم المقام على ما مساحته كيلومتر مربع واحد.

كما اجتاحت آلة الدمار الإسرائيلية المخيم، بشكل شامل، وواسع بعد فشل الاحتلال الذريع في تحقيق هدفه الذي جاء من أجله، وهو تدمير روح المقاومة والصمود، حيث توغلت الآليات العسكرية وسط المنازل وهدمتها على رؤوس أصحابها.وتدخلت طائرات الاحتلال لدك المخيم، الذي يسكنه ما يقارب من 14 ألف لاجئ، 47% منهم تقريباً إما دون الخامسة عشرة أو فوق الخامسة والستين من العمر، لاحقهم المحتل حتى بعد أن أخرجهم من أرضهم بغير حق قبل أكثر من 50 عاماً.والحصيلة، 1846 منزلاً تعرضت لأضرار متفاوتة، منها 680 دمرت بشكل كلي، و1166 تعرضت لأضرار جزئية، وفقاً للمعلومات الرسمية، وشردت حوالي 450 أسرة، بعد أن حرمها الاحتلال من مأوى تلجأ إليه، وقدرت قيمة الدمار الذي لحق بالممتلكات العامة والخاصة، بنحو 27 مليون دولار أمريكي، كما ورد في تقرير الأمم المتحدة.أزمة إنسانية..وبعد رفع الحصار في الثامن عشر من نيسان، انتقد كبار مسئولي الأمم المتحدة بشدة إسرائيل للطريقة التي تعاملت بها مع وصول المساعدة الإنسانية في أعقاب المجزرة، وخاصةً رفضها تسهيل إمكانية الوصول الكامل والآمن إلى السكان المتضررين، منتهكةً التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.وأعدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" خطة لإيصال الأغذية والإمدادات الطبية للاجئين المعوزين، غير أنه لم يسمح لها بدخول المخيم، وزاد حدة الأزمة الإنسانية تفاقماً قطع جيش الاحتلال الإسرائيلي التيار الكهربائي، منذ أول يوم من أيام الهجوم على المدينة والمخيم، والذي لم يُعاد إلا في الحادي والعشرين من نيسان.وتضمن العديد من تقارير منظمات حقوق الإنسان روايات عن تأخير وصول المساعدات الطبية للمدنيين الجرحى والمرضى عدة أيام، وعن رفض الجنود الإسرائيليين إتاحة حصولهم على العلاج الطبي، ونقلهم إلى المستشفيات والمراكز الطبية للعلاج، وقد استشهد عدد منهم في بعض الحالات نتيجة لهذا التأخير.وبالإضافة إلى منع وصول سيارات الإسعاف والدخول إلى المخيم، استهدفت قوات الاحتلال في العديد من الحالات أفراد الأطقم الطبية. ففي الرابع من آذار/مارس 2002، استشهد رئيس خدمات الطوارئ الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني د.خليل سلمان، في جنين، بقذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية على سيارة الإسعاف التي كان يستقلها والتي كانت تحمل العلامة الواضحة لسيارات الإسعاف.وتستمر الجريمة..لم تنل الجريمة من عزيمة أهالي المخيم، بل واعتبروا ذلك نصراً أذاقوا فيه العدو درساً لن ينساه، وفي المقابل، لم يتوقف الاحتلال عن استهداف المخيم. فبعد انسحابه وتكشف جريمته، عاد وتوغلت قواته في المخيم مراتٍ ومرات منذ ذلك الحين، ليؤكد فشله في النيل منه، فقتل بدم بارد من قتل، واعتقل ودمر وشرد من شرد، وتمادى في جريمته التي بدأها.اليوم..اليوم وأمس، خرجت وستخرج مسيرة جماهيرية حاشدة دعت إليها القوى الوطنية والإسلامية في مخيم جنين، في الذكرى الثالثة لمعركة مخيم جنين الأسطورية، وفي هذا اليوم سيتذكر المواطنون وأبناء الشعب الفلسطيني أحداث وأهوال الجريمة التي نفذتها قوات الاحتلال في مخيم جنين، من خلال الصور والأفلام التي تمكن المناضلين من التقاطها أثناء الاجتياح والعدوان وآثاره بعد الجريمة
مجزرة مخيم جنين - فلسطين
2002
تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن مجزرة جنين
أُعد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تقريراً بناء على قرار الجمعية العامة المتخذ في 7 مايو/أيار 2002 والذي طلبت فيه الجمعية من الأمين العام تقديم تقرير عن الأحداث التي وقعت في جنين وفي المدن الفلسطينية الأخرى مستفيدا من الموارد والمعلومات المتاحة. وقد طلبت الجمعية العامة هذا التقرير عقب حل فريق تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة الذي شكله الأمين العام تلبية لقرار مجلس الأمن رقم 1405 (2002) المؤرخ 19 أبريل/نيسان 2002. وأوردنا الجزء المتعلق مباشرة بجنين وملاحظات الأمين العام فقط، وللاطلاع على التقرير كاملا وحيثياته يمكن العودة للمصدر.
توغل الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيم اللاجئين 3-18 أبريل/نيسان ‏2002‏
48 - بالرغم من أن الروايات المباشرة المتاحة جزئية ويتعذر التثبت من صحتها وغفل في كثير من الأحيان، فإنه من الممكن عبر مصادر الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة وغيرها من المصادر الدولية تتبع تسلسل زمني تقريبي للأحداث التي وقعت داخل مخيم جنين في الفترة من 3 إلى 18 أبريل/نيسان 2002. فقد استمر القتال نحو 10 أيام وتميـّز بمرحلتين مستقلتين: المرحلة الأولى بدأت في 3 أبريل/نيسان وانتهت في 9 أبريل/نيسان، في حين استغرقت المرحلة الثانية يومي 10 و11 أبريل/نيسان. وحدثت معظم الوفيات على كلا الجانبين في المرحلة الأولى ولكن يبدو أن معظم الأضرار المادية حدثت في المرحلة الثانية.

49 - ادعت السلطة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان بأن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي قامت أثناء إدارة عملياتها في مخيم اللاجئين بارتكاب أعمال قتل غير مشروعة، واستخدام دروع بشرية، واستعمال القوة بصورة غير متناسبة، وبعمليات اعتقال وتعذيب تعسفية، ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية. ويشير جنود جيش الدفاع الإسرائيلي الذين اشتركوا في اجتياح جنين إلى حدوث انتهاكات للقانون الإنساني الدولي من جانب المقاتلين الفلسطينيين داخل المخيم، بما في ذلك تمركزهم في منطقة مدنية مكتظة بالسكان واستخدامهم للأطفال لنقل الشراك المفخخة وربما نصبها.
50 - وفي رواية الحكومة الإسرائيلية عن العملية، قامت القوات الإسرائيلية أولا بتطويق مدينة جنين وفرضت سيطرتها على مداخل المدينة ومخارجها وسمحت للسكان بمغادرتها طواعية. وهناك نحو 11 ألف شخص فعلوا ذلك. ووفقا للمصادر الإسرائيلية فإن القوات الإسرائيلية اعتمدت في توغلها في المخيم على المشاة بالدرجة الأولى وليس على القوة الجوية والمدفعية في محاولة منها لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى أدنى حد ممكن، ولكن روايات أخرى عن المعركة تشير إلى أن عددا يصل إلى 60 دبابة ربما يكون قد استخدم حتى في الأيام الأولى. وتشير المقابلات التي أجرتها منظمات حقوق الإنسان مع شهود إلى أن الدبابات والمروحيات وقوات برية تستخدم أسلحة صغيرة كانت سائدة في اليومين الأولين، وبعدها استخدمت الجرافات المدرعة لتدمير المنازل والهياكل الأخرى لكي توسع الممرات داخل المخيم.
51 - وقامت القوات الإسرائيلية مستخدمة مكبرات الصوت بحثّ المدنيين باللغة العربية على إخلاء المخيم. وتشير بعض التقارير بما في ذلك المقابلات التي أجريت مع جنود جيش الدفاع الإسرائيلي إلى أن هذه التحذيرات لم تكن كافية وتجاهلها كثير من السكان. وقد فرّ عدد كبير مـن سكان مخيم جنين من المخيم قبل بدء الاجتياح الإسرائيلي أو مع بدايته، وغادر آخرون بعد 9 أبريل/نيسان. وتختلف التقديرات بشأن عدد المدنيين الذين بقوا في المخيم طوال الفترة ولكنه قد يصل إلى 4 آلاف شخص.

52 - وكما جاء في وصف الحكومة الإسرائيلية "وقعت معركة شديدة في جنين اضطر خلالها جنود جيش الدفاع الإسرائيلي إلى القتال بين المنازل المفخخة وحقول القنابل في جميع أنحاء المخيم الذي أعدّ مقدما كميدان قتال مفخخ". وتعترف السلطة الفلسطينية بأن "عددا من المقاتلين الفلسطينيين قاوموا الهجوم العسكري الإسرائيلي وكانوا مسلحين ببنادق فقط و... متفجرات بدائية". وقدّم متحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي صورة للمقاومة تختلف عن ذلك اختلافا طفيفا، حيث ذكر أن الجنود واجهوا "أكثر من ألف عبوة متفجرة، وعبوات متفجرة حية، وبعض العبوات المتفجرة الأكثر تطورا... مئات من القنابل اليدوية... [و] مئات من الرجال المسلحين". وتؤيد تقارير حقوق الإنسان الروايات التي تؤكد أن بعض المباني كانت مفخخة من جانب المقاتلين الفلسطينيين.
53 - وليس هناك شك في أن جيش الدفاع الإسرائيلي واجه مقاومة فلسطينية عنيفة، وليس هناك شك أيضا في أن المقاتلين الفلسطينيين في المخيم وفي أماكن أخرى انتهجوا أساليب تشكل انتهاكات للقانون الدولي أدانتها وما برحت تدينها الأمم المتحدة، بيد أن الأمور ما زالت تفتقر إلى الوضوح والتيقن فيما يتعلق بسياسات وحقائق رد القوات الإسرائيلية على هذه المقاومة. وتؤكد الحكومة الإسرائيلية أن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي "اتخذت بصورة واضحة جميع التدابير الممكنة لعدم تعريض حياة المدنيين للخطر" ولكنها ووجهت بـ"إرهابيين مسلحين تخفّوا عن عمد بين السكان المدنيين". ومع ذلك فإن بعض جماعات حقوق الإنسان وشهود العيان الفلسطينيين يؤكدون أن الجنود الإسرائيليين لم يتخذوا جميع التدابير الممكنة لتجنب إصابة المدنيين، بل واستخدموا بعضهم كدروع بشرية.
54 - وبينما توغلت القوات الإسرائيلية في المخيم، انتقل المقاتلون الفلسطينيون -حسبما تفيد التقارير- إلى وسط المخيم، وتشير التقارير إلى أن أعنف القتال وقع في الفترة ما بين 5 و 9 أبريل/نيسان مما أسفر عن أكبر خسائر في الأرواح على كلا الجانبين. وهناك تقارير تفيد بأنه خلال هذه الفترة زاد الجيش الإسرائيلي من قصفه بالقذائف من الطائرات المروحية ومن استخدام الجرافات –بما في ذلك بغرض هدم المنازل لدفن مَن رفضوا الاستسلام تحت أنقاضها حسبما ادعي– كما قام بإطلاق النار "بصورة عشوائيـة". وفقدت القوات الإسرائيلية 14 جنديا، 13 منهم في اشتباك واحد وقع يوم 9 أبريل/نيسان. ولم تتكبد القوات الإسرائيلية أية خسائر أخرى في الأرواح في جنين بعد 9 أبريل/نيسان.
55 - وتشير التقارير الصحفية من الأيام المشار إليها والمقابلات اللاحقة التي أجراها ممثلو المنظمات غير الحكومية مع سكان المخيم إلى أن خمسة فلسطينيين في المتوسط ماتوا كل يوم خلال الأيام الثلاثة الأولى من الغارة وأن يوم 6 أبريل/ نيسان شهد زيادة حادة في عدد القتلى

56 - وأكد مستشفى جنين وفاة 52 بحلول نهاية مايو/أيار 2002. كما يقدر جيش الدفاع الإسرائيلي أيضا عدد الخسائر في الأرواح بنحو 52 شخصا. وقد ادعى أحد كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية في منتصف أبريل/نيسان أن نحو 500 شخص قد قُتلوا، وهو رقم لم يثبت في ضوء الأدلة التي ظهرت.
57 - ومن المتعذر أن يحدد بدقة عدد المدنيين بين القتلى الفلسطينيين. وقدرت حكومة إسرائيل، أثناء توغل قواتها في المخيم أنه كان هناك "عشرات فقط من القتلى في جنين... وأن الغالبية العظمى منهم كانوا يحملون أسلحة وأطلقوا النار على قوات [جيش الدفاع الإسرائيلي]". وقد أبلغ مسؤولون إسرائيليون أفراد الأمم المتحدة بأنهم يعتقدون أن 38 من بين القتلى الـ 52 كانوا من المسلحين و14 من المدنيين. وقد اعترفت السلطة الفلسطينية بأنه كان هناك محاربون من بين القتلى، وقامت بتسمية بعضهم، ولكنها لم تضع تقديرات دقيقة للعدد في كل من الفئتين. وتضع منظمات حقوق الإنسان الخسائر بين المدنيين عند رقم أقرب إلى 20 حيث وثّقت منظمة رصد حقوق الإنسان 22 مدنيا من بين القتلى الذين يبلغ عددهم 52 شخصا، في حين ذكرت منظمة الأطباء المناصرين لحقوق الإنسان أن "الأطفال دون سن 15 سنة والنساء والرجال فوق سن 50 سنة كانوا يشكلون نحو 38% من جميع حالات الوفاة المبلّغ عنها".
58 - وذكر جيش الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت أن أساليبه قد لا تتغير "لأن الافتراض الأساسي هو أننا نعمل في حي مدني". غير أن الروايات الأخرى عن المعركة تشير إلى أن طابع العملية العسكرية في مخيم جنين للاجئين تغير فعلا بعد 9 أبريل/نيسان 2002. ففي ذلك اليوم قُتل 13 جنديا إسرائيليا وجُرح عدد آخر فيما تصفه السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية على السواء بأنه "كمين خطط له جيدا"" ومات الجندي الإسرائيلي الرابع عشر في مكان آخر من المخيم في ذلك اليوم، مما أوصل خسائر القوات الإسرائيلية في الأرواح خلال العملية في جنين إلى 23 شخصا.
59 - وفي أعقاب الكمين يبدو أن القوات الإسرائيلية غيّرت تكتيكاتها من تفتيش المنازل وتدمير بيوت المقاتلين المعروفين إلى توسيع نطاق القصف بالدبابات والقذائف، كما استخدمت القوات الإسرائيلية الجرافات المدرعة تدعمها الدبابات لهدم أجزاء من المخيم. وتؤكد الحكومة الإسرائيلية أن "القوات الإسرائيلية لم تدمِّر المباني إلا بعد أن وجهت نداء عدة مرات للسكان بمغادرة المباني التي لم يتوقف منها إطلاق النار". وتدعي إفادات الشهود وتحقيقات منظمات حقوق الإنسان أن التدمير كان عشوائيا وغير متناسب حيث كانت بعض المنازل تتعرض للهجوم من الجرافات قبل أن تتاح الفرصة لسكانها لإخلائها. وتؤكد السلطة الفلسطينية أن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي "كانت لديها معرفة كاملة وتفصيلية بما يحدث في المخيم عن طريق استخدام الطائرات التي تطير دون طيار والكاميرات المثبتة في بالونات… [و] أن أيا من الفظائع التي ارتكبت لم يكن غير متعمد".

60 - وشككت منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية فيما إذا كان هذا التغيير في التكتيكات متناسبا مع الهدف العسكري ووفقا للقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان. وتدعي رواية السلطة الفلسطينية عن المعركة أنه استخدمت "المروحيات الحربية لإطلاق قذائف (تو) على هذه المنطقة الكثيفة السكان... مدافع مضادة للطائرات قادرة على إطلاق ثلاثة آلاف قذيفة في الدقيقة... وعشرات الدبابات والمركبات المدرعة المزوّدة بمدافع رشاشة… [و] جرافات بلدوزر لهدم المنازل وشق ممرات واسعة". وتشير مصادر أخرى إلى الاستخدام الواسع النطاق للجرافات المدرعة والمروحيات الحربية يومي 9 و10 أبريل/نيسان، وعلى الأرجح حتى بعد أن بدأ القتال يهدأ. وخلال هذه المرحلة حدث معظم الضرر المادي ولا سيما في حارة الحواشين في وسط المخيم التي سوِّيت بالأرض عمليا. ودمِّر تماما الكثير من المساكن المدنية وأصيب عدد أكبر بأضرار بالغة، كما أصيب بأضرار شديدة عدد من المرافق التابعة للأونروا في المخيم بما في ذلك مركزها الصحي ومكتب الصرف الصحي.
61 - وفي غضون يومين بعد 9 أبريل/نيسان أخضعت القوات الإسرائيلية المخيم وهزمت ما تبقى فيه من عناصر مسلحة. وفي 11 أبريل/نيسان استسلم آخر المقاتلين الفلسطينيين في مخيم جنين لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي بعد أن طلبوا وساطة منظمة "بتسالم"، وهي إحدى منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية التي تعمل في الأرض الفلسطينية المحتلة، لضمان عدم تعرضهم لأي أذى. ووفقا لمصادر السلطة الفلسطينية، كان من بين مَن استسلموا عدد من قيادات الجهاد الإسلامي وفتح المطلوبين وكذلك ثلاثة أشخاص مصابين وولد عمره 13 سنة.
انتهاء التوغل الإسرائيلي وعواقبه، 11 أبريل/نيسان – 7 مايو/أيار 200262 - بينما اقترب توغل جيش الدفاع الإسرائيلي في جنين من نهايته برزت طائفة من المشاكل الإنسانية، أو ازدادت سوءا، بالنسبة لأربعة آلاف من المدنيين الفلسطينيين ممن بقوا في المخيم. وتمثلت أولى هذه المشاكل في التأخير المطوّل في الحصول على الرعاية الطبية للجرحى والمرضى داخل المخيم. وعندما بدأت حدة القتال تنحسر، منع جيش الدفاع الإسرائيلي سيارات الإسعاف وأفراد الأطقم الطبية من الوصول إلى الجرحى داخل المخيم على الرغم من المناشدات المتكررة الموجهة إليه بتسهيل مرور سيارات الإسعاف ومندوبي المنظمات الإنسانية بمن فيهم مندوبو الأمم المتحدة. وعلى مدى الفترة من 11 إلى 15 أبريل/نيسان قدمت الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى التماسات إلى جيش الدفاع الإسرائيلي وتفاوضت معه من أجل تمكينها من دخول المخيم وبذلت محاولات كثيرة لإرسال قوافلها، دونما طائل. وأُبلغ مسؤولو الأمم المتحدة الذين زاروا قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي في 12 أبريل/نيسان بأنه سيسمح لموظفي المساعدة الإنسانية التابعين للأمم المتحدة بالوصول إلى السكان المتضررين، غير أن هذه الإمكانية لم تتحقق على أرض الواقع ولم تسفر عدة أيام من التفاوض مع كبار المسؤولين في جيش الدفاع الإسرائيلي وموظفي وزارة الدفاع الإسرائيلية عن تأمين إمكانية الوصول الضروري رغم ما قدموه من تأكيدات مخالفة لذلك. وفي 18 أبريل/نيسان انتقد كبار موظفي الأمم المتحدة بشدة إسرائيل للطريقة التي تعالج بها وصول المساعدة الإنسانية في أعقاب المعركة، وخاصة رفضها تسهيل إمكانية الوصول الكامل والآمن إلى السكان المتضررين، منتهكة التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.

63 - وجهزت الأونروا عملية كبيرة لإيصال الأغذية والإمدادات الطبية للاجئين المعوزين الذين كانوا قد فروا من المخيم، وإلى مستشفى جنين، غير أنه لم يسمح لها بدخول المخيم. وزاد حدة الأزمة الإنسانية تفاقما قيام جيش الدفاع الإسرائيلي منذ أول يوم من أيام الهجوم بقطع التيار الكهربائي عن المدينة والمخيم، ولم يُستعد التيار الكهربائي إلا في 21 أبريل/نيسان.
64 - وتضمنت العديد من تقارير جماعات حقوق الإنسان روايات عن انتظار مدنيين جرحى عدة أيام من أجل الحصول على المساعدة الطبية، وعن رفض الجنود الإسرائيليين إتاحة حصولهم على العلاج الطبي. وفي بعض الحالات توفي أناس نتيجة لهذه التأخيرات. وبالإضافة إلى الأشخاص الذين أصيبوا بجراح في أثناء القتال، عانى أيضا سكان مدنيون في المخيم وفي المدينة من نقص الدواء وتأخر الحصول على العلاج الطبي للحالات التي كانوا يعانون منها قبل العملية العسكرية. وعلى سبيل المثال أفيد في 4 أبريل/نيسان بأن 28 مريضا بالكلى في جنين عجزوا عن الوصول إلى المستشفى لعمل الغسيل الكلوي.
65 - وبدا أن تشغيل مستشفى جنين الذي يقع خارج المخيم مباشرة قد تعرّض لإرباك خطير من جراء عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي بالرغم مما جاء في بيانات الجيش بأن "المستشفى لم يمسّه شيء"، فقد تأثرت بشدة إمدادات المستشفى من الكهرباء والمياه والأوكسجين والدم بسبب القتال وما تلاه من انقطاع في الخدمات. وفي 4 أبريل/نيسان أمر جيش الدفاع الإسرائيلي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن توقف عملياتها وأغلق أبواب المستشفى. وأفاد العاملون بالمستشفى بأن القذائف والأعيرة النارية أصابت المعدات بأضرار جسيمة في الطابق العلوي بالمستشفى، وأن مريضين على الأقل قضَيَا بسبب الضرر الذي لحق بإمدادات الأوكسجين. ولم يسمح لأي من الفلسطينيين الموجودين بالمستشفى بمغادرته حتى 15 أبريل/نيسان.
66 - ويبدو أنه بالإضافة إلى منع وصول الإسعاف، استهدف جيش الدفاع الإسرائيلي في بعض الحالات أفراد الأطقم الطبية. ففي 4 مارس/آذار قبل التوغل في جنين قُتل رئيس خدمات الطوارئ الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في جنين بقذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية على سيارة الإسعاف التي كان يستقلها والتي كانت تحمل العلامة الواضحة لسيارات الإسعاف. وفي 7 مارس/آذار قتل موظف في الأونروا عندما أطلق جنود إسرائيليون عدة عيارات نارية على سيارات إسعاف تابعة للأونروا كان يستقلها بالقرب من طولكرم بالضفة الغربية. وفي 3 أبريل/نيسان أفيد بأن ممرضة فلسطينية تعرضت لإطلاق النار داخل مخيم جنين من جانب جيش الدفاع الإسرائيلي رغم أنها كانت ترتدي زي الممرضات. وفي 8 أبريل/نيسان أطلقت النيران على سيارة إسعاف تابعة للأونروا أثناء محاولتها الوصول إلى رجل جريح في جنين.
67 - وقد دأبت حكومة إسرائيل على توجيه اتهام مؤداه أن المركبات الطبية تستخدم لنقل الإرهابيين، وأن المباني الطبية تستخدم لتوفير الملجأ لهم. واستلزم ذلك، وفق ما أعلنته إسرائيل، إخضاع إيصال المساعدة الإنسانية لقيود صارمة. كذلك فإنه في حالة مخيم جنين بالذات عزا المتحدثون باسم جيش الدفاع الإسرائيلي هذا المنع إلى ضرورة تطهير المخيم من الألغام المفخخة بعد أن خفّت حدة القتال. وقال متحدث أيضا "إن الفلسطينيين يرفضون في واقع الأمر عروضنا بتقديم المساعدة الإنسانية لهم" وإن "أي شخص يحتاج إلى المساعدة يحصل عليها". وثمة توافق في الرأي بين موظفي المساعدة الإنسانية الذين كانوا موجودين في الميدان بأن التأخيرات عرّضت للخطر حياة كثير من الجرحى والمرضى داخل المخيم. ومع أن موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من موظفي المساعدة الإنسانية عرضوا الامتثال الكامل لإجراءات التفتيش الأمني لجيش الدفاع الإسرائيلي عند دخول المخيم ومغادرته، فإنهم لم يستطيعوا دخول المخيم على هذا الأساس. وعلاوة على ذلك أفاد موظفو الأمم المتحدة بأن جيش الدفاع الإسرائيلي سمح لبعض الصحفيين الإسرائيليين بدخول المخيم بمرافقة الجيش في 14 أبريل/نيسان، وذلك قبل أن يسمح بذلك لأفراد المساعدة الإنسانية. وطلب موظفو الأمم المتحدة مرافقة

مماثلة من الجيش لدخول المخيم من أجل تقييم الحالة الإنسانية لسكانه، غير أنهم لم يفلحوا في ذلك رغم التأكيدات التي قدمها لهم كبار المسؤولين في جيش الدفاع الإسرائيلي بإمكانية كفالة هذا الدخول.
68 - وفي 15 أبريل/نيسان، وبعد 12 يوما من بدء العملية العسكرية، سمح جيش الدفاع الإسرائيلي لأفراد وكالات إنسانية بالدخول إلى مخيم اللاجئين في جنين، وسمح لجمعية الهلال الأحمر الفلسطينية ولجنة الصليب الأحمر الدولية بدخول المخيم بمرافقة عسكرية، لكنهم أفادوا بأن تحركاتهم كانت مقيدة بشدة وقصرت على مناطق بعينها وأن وجود كميات كبيرة من الذخائر التي لم تنفجر بما في ذلك الشراك الخداعية والألغام المفخخة زاد من تقييد هذه التحركات، لذا فإنهم بعد أن قاموا بإخلاء سبع جثث فقط اضطروا إلى التخلي عن جهودهم، وحيل أيضا دون قيام فريق تابع للأمم المتحدة برفقته سيارتا نقل تحملان مياها وإمدادات بتفريغ حمولتيهما واضطر أيضا إلى الانسحاب. ولم يبدأ توزيع مؤن الإمدادات على سكان المخيم إلا في اليوم التالي 16 أبريل/نيسان. وكان النقص الحاد في الغذاء والماء واضحا بجلاء، وبدأ موظفو المساعدة الإنسانية توجيه نداءات من أجل توفير جهود متخصصة للبحث والإنقاذ في إخراج الجرحى والموتى من تحت الأنقاض.
69 - وما أن سمح جيش الدفاع الإسرائيلي في 15 أبريل/ نيسان بالدخول غير المقيّد إلى المخيم، حتى عوقت الذخائر غير المنفجرة قيام موظفي المساعدة الإنسانية بعملياتهم بشكل آمن. وقد أفادت وكالات المساعدة الإنسانية غير التابعة للأمم المتحدة عن وجود كميات كبيرة من الذخيرة غير المنفجرة -المتفجرات التي زرعها المقاتلون الفلسطينيون والذخائر التي أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي- تبطئ من عملهم. هذا وقد استمرت لعدة أسابيع المفاوضات بين الأمم المتحدة والوكالات الدولية من جهة وجيش الدفاع الإسرائيلي من جهة أخرى لجلب المعدات الملائمة والأفراد المناسبين إلى المخيم لإزالة الذخائر غير المنفجرة، وخلال هذه الفترة قُتل على الأقل فلسطينيان في حوادث انفجارات.
حاء - ملاحظات82 - مثلما سبق وكتبت إلى رئيس مجلس الأمن في 3 مايو/ أيار 2002، فإنني أشاطر الرئيس أتيساري وفريقه لتقصي الحقائق تقييمهما بأنه من غير الممكن وضع تقرير كامل وشامل للأحداث الأخيرة في جنين وكذلك في المدن الفلسطينية الأخرى من دون تعاون تام من الجانبين والقيام بزيارة للمنطقة، ولذلك فإنني لا أود تجاوز الاستنتاجات الوقائعية المحددة الواردة في متن هذا التقرير، ومع ذلك فإنني على ثقة بأن الصورة التي يرسمها هذا التقرير هي تمثيل أمين لواقع معقّد.
83 - إن الأحداث التي يصفها هذا التقرير والتردي المتواصل في الحالة ودورة العنف التي لا تنقطع، هي في رأيي تعبير عن الضرورة الملحّة لأن يقوم الطرفان باستئناف عملية تعيدهما إلى طاولة التفاوض. ويوجد في المجتمع الدولي تأييد واسع النطاق للتوصل إلى حل تعيش فيه دولتان، إسرائيل وفلسطين، جنبا إلى جنب داخل حدود آمنة ومعترف بها على نحو ما دعا إليه قرار مجلس الأمن 1357 (2002). وفي اعتقادي أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ملحة بتكثيف جهوده من أجل التوصل إلى حل سلمي ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني باعتباره عنصرا رئيسيا في البحث عن تسوية عادلة ودائمة وشاملة في الشرق الأوسط استنادا إلى قراري مجلس الأمن 242 (1967) و 338 (1973).

مجزرة الانفال

الانفال وما ادراك ما الانفال؟ جريمة ابادة الشيوخ والنساء والاطفال,جريمة قتل زهرات الشباب وفحول الرجال,جريمة سحق القرى وهدم المنازل والمحال,جريمة دفن الكورد احياءا في عجال. فماتوا وما ماتوا!! بل ظلت ذكراهم خالدة وحية في قلوبنا وضمائرنا نحملها معنا في حلنا وترحالنا ونذكرها في مجالسنا مع دمعة ساكبة وحسرة حارقة ودعاءا على الظالم وعملا مع المظلوم لاخذ حقه املا في اقامة العدالة ولو بعد حين. لقد اراد القائمون على تلك المجزرة البربرية الشوفينية ان يبدوا جزءا من الكورد ويسكتوا صوتهم التحرري ويخمدوا بذلك نيران ثوارهم الابطال من اسود البيشمركة املا في وئد القضية العادلة للامة الكوردية باقامة وطنها القومي الطبيعي كوردستان وفق حقها الفطري والجغرافي والقومي والتاريخي والذي جزء دون اخذ راي ذلك الشعب المظلوم.

ولكن ارادة الحق انتصرت وعمل المناضلين ودماء الشهداء وصبر الشعب الجريح قد اتى ثماره الطيبة رغم طول المدة.ووقف ذلك الدكتاتورالمجرم واعوانه الملطخين بدماء الابرياء في قفص الاتهام في انتظار صدور الحكم العادل بحقهم جزاءا لبشاعة جرائمهم وان كان الاعدام اقل جزاء يستحقه هؤلاء المجرمين الذين لم يعرف التاريخ الانساني وحشية تقارب وتماثل وحشيتهم بل ان حتى الحيوانات المتوحشة اعتبرت انفسها اليفة خجلا من وحشية اولائك المجرمين. لكم هو جميل رغم ماساوية الحدث ان نرى المجرم صدام و جلاوزته القتلة قابعين في قفص الاتهام ويستمعون الى شهادة الشهود الكورد وهم يروون ماسيهم ويشرحون ظلامتهم ناطقين بلغتهم القومية الكوردية دون خوف او وجل فلا تعريب بعد اليوم,هكذا يوم لم يكن ليدور في خلد ذلك الطاغية صدام واعوانه القتلة ان ياتي,ولكن ارادة الشعوب الحية اقوى من سطوة وقيود الطغاة.

ان جريمة ابادة اكثر من 182000 مواطن كوردي بريئ وسحق الالف القرى الكوردية لالشئ سوى كونهم كورد القومية تعد اعلى درجات الشوفينية و قمة هرم البربرية والنازية الفاشية. ان المجرم علي كيمياوي والذي كان يتبجح وعشيرته المجرمة بقتلهم الكورد ويتفاخر بان لقبه الكيمياوي يثيرالرعب عند المواطنين العزل في كوردستان الجنوبية نراه اصفر الوجه نحيله بعد ان زال& nbsp;كرشه القبيح ايضا المملوء سفاحا من لحوم ودماء الكورد والشيعة ايضا,لكن ذلك الزنيم لم يتخلى عن سوء ادبه الموروث وضحاله خلقه الذي ينم عن خسة منبعه وبذائة تربيته العشائرية والمناطقية يشاطره في ذلك ابن عمه وسيده مشكوك النسب وهذا حال بقية المجرمين وخصوصا ذلك الساقط صابر الدوري. ان من العبر والدروس والنتائج المستخلصة من تلك المجزرة هي ضرورة التمسك والحفاظ على الحق الدستوري الذي يمنع حزب البعث الفاشي من العودة وكذلك قادة ورموز ذلك النظام الفاشي المقبور ولو تحت مسميات وواجهات جديدة كونهم عدو فكري وعسكري للشعبنا الكوردي. يجب المطالبة بانزال اقصى العقوبات وهي الاعدام وحبذا لو وجدت عقوبة ما فوق الاعدام لانزالها بالسفاح صدام وقامته علي كيمياوي وبقية العصابة الاجرامية,ومن البديهي ان مجرمي مجزرة الانفال يتجاوزهؤلاء السبعة بل ان الجرم يتعداهم ليشمل عددا اكبر يجب ان يحاسب ايضا.
ان من نتائج الانفال ان كشفت النقاب عن شوفينية بعض الانضمة العربية التي كانت تبارك وتساند جرائم صدام بحق الكورد كشعب وقومية ثانية شريكة في العراق. وان من نتائجها ايضا انها عرت بعض السياسيين والمثقفين العرب من كتاب وصحفيين وشعراء وفنانيين والذي مافتؤا يمجدون ويقسون ويدافعون عن فارسهم الجرذ وقائدهم الضرورة ضد ضحاياه الابرياء بل ويصوبون اعماله الاجرامية ولم كتبوا كلمة حق ولم يقفوا وقفة صدق تجاه شعب جريح اعزل عرض لحملات ابادة,هؤلاء الشوفينية والقومجية العروبيين الاستئصاليين لايقلون اجراما بحق الكورد عن سفاحي الانفال. ان هذه الحملة رغم بشاعتها وقسوتها لم تستطع ابادة الكورد او تخمد نضالهم التحرري رغم شدة وطتئتها بل على العكس ازداد الاصرار لدى الثوار وازداد النضال وجنيت اغلب الثمار. فالكورد امة ليس بمقدور حاكم ان يبيدها مهما طغى. يجب الحفاظ على وحدة الصف الكوردستاني في العراق وعلى كل المستويات السياسية والشعبية للحفاظ على المكتسبات المشروعة التي تحققت لنا وفي مقدمتها الفيدرالية المثبتة دستوريا وحكومة الاقليم الموحدة وقرب انجاز دستورالاقليم وتوحيد بقية الوزارات. من حقنا ككورد المطالبة والعمل على تشكيل قوة عسرية نظامية ذاتية للدفاع عن الكورد والاقليم من خطر حملات الابادة والتطهير العرقي وتهديدات بعض دول الجوار وبذلك نؤيد دعوة رنيس اقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني


نظم صوتنا الى صوت حكومة الاقليم بمطالبة الحكومة المركزية بتعويض الضحايا وعوائلهم عما لحق بهم جراء ذلك. كما نطالب الحكومة المركزية بضرورة الاسراع بحل قضية كركوك وباقي الاراضي الكوردستانية والحاقه ابالاقليم بعد الاستفتاء كي تحل مظلومية المهجرين والمعربين. ان حملة الانفال وجريمة حلبجة وقتل البارزانيين وقتل ومصادرة اموال وتهجير الكورد الفيلية وحملات التعريب والتهجير والتسفير والقتل والسجن وهدم المنازل وسحق القرى وغيرها لم تسفر عن ابادة الكورد او تعريبهم بل زادت من توحدهم واصرارهم على عدالة قضيتهم والنضال في سبيل حقوقهم القومية المشروعة,وستبقى الانفال وصمة عار في جبين ذلك النظام المقبور ورموزه القتلة وفي جبين الشوفينيين والقومجية والعروبيين الاستئصاليين وكل من ساهم وتغاظى ودافع ويدافع عن تنيفذها ومرتكبيها. وفي الختام اتوجه بالشكر الجزيل للاخوة الشرفاء من الكتاب العرب العراقيين ومن بقية القوميات الذين دافعوا ومازالوا يدافعون باقلامهم عن قضية الشعب الكودي المظلوم الشكر والثناء لكل من كتب عن الانفال. رحم الله شهداءنا المظلومين شهداء الانفال الابرياء والزم ذويهم الصبر والسلوان واعان المفجوعين والمصابين وعسى ان يكون في عقاب المجرمين الفاعلين شفاءا لصدور قوم مؤمنين.

مجزرة حماة

شباط (فبراير) 1982 جريمة إبادة جماعية .. وجريمة ضد الإنسانية

مقدمة
مع إطلالة الذكرى الرابعة والعشرين لمجزرة حماة الكبرى، ومع التحليل العميق للمأساة التي ألمت بالمدينة مكاناً وسكاناً وتاريخاً، وانعكاسات ذلك على سورية الوطن والإنسان، لم يكن لنا (اللجنة السورية لحقوق الإنسان) إلا أن نؤكد بأن النظام السوري أقدم على اقتراف هذه المجزرة الرهيبة عن سابق إصرار وترصد وأنه بيت نية اقتراف جريمة إبادة ضد سكان المدينة وعمرانها وبقصد تغيير واقع المدينة حغرافيا وديمغرافيا.
الممارسات الاستفزازية بحق المواطنين والاعتداءات بالقتل والاعتقال وتفجير البيوت والتحرش بالأطفال والنساء والعجائز سبقت المجزرة وكانت الشرارة التي فجرتها. ولا يمكن قبول تبريرات النظام في انتهاكاته الصارخة لحقوق أهالي المدينة وعدوانه الشامل عليهم بدعوى ملاحقة مائتين من الخارجين على النظام والقانون حسب تصريحاته، ولا يمكن تبرير أعمال القتل الجماعي دون تمييز والتخريب الشامل للأبنية والمنشآت بما فيها المساجد والكنائس والمناطق الأثرية بذريعة حفظ الأمن، فقد تورطت السلطات في انتهاكات واسعة وممارسات وحشية واعتداءات على الأرواح يمكن اعتبارها "جرائم إبادة جماعية" لم تشهد سورية مثيلا لها حتى أثناء مقاومتها للاستعمار الفرنسي في النصف الأول من القرن العشرين


وبالرغم من اشتهار مجزرة حماة التي وقعت في شباط (فبراير) 1982، إلا أن النظام السوري ارتكب مجازر عدة في مناطق مختلفة سبقت هذه المجزرة، وراح ضحيتها المئات من المواطنين من نساء وأطفال وشيوخ. ومن هذه المجازر مجزرة جسر الشغور في العاشر من آذار 1980. وتفيد بعض المصادر أن المدينة قصفت بمدافع الهاون وأطلقت النيران على سبعة وتسعين من أهاليها بعد إخراجهم من دورهم، كما تم هدم ثلاثين بيتا فيها. ومجزرة سرمدا التي قتل فيها حوالي 40 مواطناً، ومنها مجزرة قرية كنصفرة، والتي تزامنت مع مجزرة جسر الشغور وذلك حين أطلقت النيران على أهالي القرية الذين طالبوا بتحسين الخدمات العامة فقتل مواطن وجرح عشرة. ولم يمض على الحادثتين السابقتين أشهر قليلة حتى وقعت مجزرة سجن تدمر وذلك في 27/6/1980 حيث تمت تصفية قرابة ألف معتقل في زنازينهم. ومجزرة حي المشارقة حيث قتلت صبيحة عيد الأضحى 83 مواطنا أنزلوا من شققهم وحصدت أرواحهم، ومجزرة سوق الأحد التي أودت بحياة 42 مواطناً وجرح 150 آخرين. ومنها مجزرة الرقة التي راح ضحيتها عشرات المواطنين الذين لقوا حتفهم حرقاً بعدما جمع المعتقلون في مدرسة ثانوية وأضرمت النيران حولهم.

أولا/جرائم الإبادة الجماعية في مجزرة حماة
تعرضت حماة لحملات متكررة راح ضحيتها المئات من الشيوخ والأعيان والمواطنين العادين خلال العامين 1980-1981م، إلا أن ما تناقلته تقارير المراسلين وشهود العيان في مجزرة شباط (فبراير) 1982 يدخل ضمن مسمى "الإبادة الجماعية". فقد لقي ما يزيد على 25 ألف حتفهم على أيدي السلطات السورية التي حشدت القوات الخاصة وسرايا الدفاع وألوية مختارة من الجيش (اللواء 47 واللواء 21) بمعداتهم الثقيلة يدعمهم السلاح الجوي لتصبح المدينة منطقة عمليات عسكرية واسعة وتم قصف المدينة بنيران المدفعية وراجمات الصواريخ وبشكل عشوائي ولمدة أربعة أسابيع متواصلة في الوقت الذي أغلقت فيه منافذها الأربعة أمام الفارين من وابل النيران.
تدمير الأحياء وقتل السكان وإبادة الأسر لقد أقدم النظام ضمن حملة القتل الجماعي على إبادة سكان مناطق وأحياء بكاملها، وتصفية أسر بجميع أفرادها:
مجزرة حي حماة الجديدة: فقد أقدمت قوات سرايا الدفاع التابعة للنظام السوري في اليوم الثالث من اجتياح مدينة حماة (4 شباط 1982) على جمع سكان حي "حماة الجديدة" (الملعب البلدي) وأطلقت نيران الرشاشات عليهم ثم تمت مداهمة البيوت وقتل من فيها دون تمييز وتم سلب ونهب الممتلكات، وتقدر بعض المصادر ضحايا مجزرة الحي بحوالي 1500.

مجزرة حي سوق الشجرة: وشهد اليوم الخامس من المجزرة قصف حي "سوق الشجرة" بشدة واجتاحت قوات النظام السوري الحي وأطلقت النيران على الشباب والشيوخ في الشوارع ولاحقت من لجؤوا إلى المساجد فأجهزت عليهم وقُدر عدد الضحايا بحوالي 160 قتيلاً. كما قتلت عناصر الأمن والجيش السوري أفراد أسر آل علوان وحمود كوجان وآل أبو سن رجالهم ونساءهم وأطفالهم، بعضهم رميا بالرصاص وبعضهم طعنا بالسكاكين وتوفي بعضهم تحت الأنقاض جراء القصف وتفجير البيوت بالديناميت. كما أقدمت قوات النظام في اليوم ذاته على قتل ما يزيد عن 70 مواطنا بينهم نساء وأطفال بعد حشرهم في دكان الحلبية لبيع الحبوب وأضرمت النيران في الدكان لتقضي على من بقي منهم على قيد الحياة حرقا
مجزرة حي البياض: وفي "حي البياض" وأمام مسجد الشيخ محمد الحامد ونظرا لعدم اتساع ناقلات المعتقلين لعدد إضافي منهم قتلت قوات النظام 50 منهم وألقت بجثثهم في حوض تتجمع فيه مخلفات مصنع بلاط تعود ملكيته للمواطن عبد الكريم الصغير.
مجزرة سوق الطويل: ووقعت مجرزة "سوق الطويل" في اليوم السابع من الاجتياح حيث قتلت قوات الأمن 30 شابا على سطح السوق، كما قتلت السلطة الشيخ عبد الله الحلاق البالغ من العمر 72 عاما أمام بيته ونهبت ممتلكاته. وأيضا أطلقت قوات الأمن النار على 35 مواطنا، بعد أن نهبت نقودهم وساعات الأيدي، وتم حشرهم في دكان عبد الرازق الريس للمواد المنزلية فقتلوا جميعا إلا حدثين يبلغان من العمر 13 عاما تمكنا من الفرار من خلال سقيفة الدكان.
مجزرة حي الدباغة: وقامت مجموعة من سرايا الدفاع في نفس اليوم بقتل 25 مواطنا من "حي الدباغة" بعد أن وضعتهم في قبو فيه منشرة للأخشاب ثم قاموا بإحراق المنشرة. وقُتل ضمن أحداث هذا اليوم خمسة أفراد من آل بدر، وقتل المواطن زياد عبد الرازق وزوجته وابنه البالغ من العمر عامين. كما قتل من آل عدي الأب وثلاثة أبناء، وقتل آل دبور في حي "الدباغة"، وقتل المواطن محمد مغيزيل وأولاده مع أنه من الكتائب الحزبية (البعثية) المسلحة.

مجزرة حي الباشورة:وفي "حي الباشورة" قضت السلطات على آل محمد فهمي الدباغ وقد بلغوا 11 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 58 عاما (الأب) وست سنوات (أصغر الأبناء). ولقيت السيدة حياة جميل الأمين وأولادها الثلاثة الذي لم يتجاوز أكبرهم الحادي عشر ربيعا نفس المصير، وقد قام عناصر الأمن بقطع يدي السيدة حياة وسلب حليها. ثم توجهت عناصر قوت النظام إلى حيث يسكن آل موسى في نفس الحي والبالغ عددهم واحد وعشرون قتلوا جميعا بما في ذلك رضيع لم يبلغ السنة ونصف. كما لقي آل القاسية وآل صبحي العظم من نفس الحي المصير ذاته حيث قتلت عناصر النظام زوجة المرحوم صبحي العظم البالغة من العمر ثمانون عاما وابنه البالغ من العمر 60 عاما. كما أطلقوا الرصاص على تسعة وثلاثين سيدة وأطفالهن مع ثلاثة رجال من آل مشنوق في نفس الحي ولم ينج منهم إلا السيدة انتصار الصابوني. ووقعت في نفس اليوم مجزرة آل الصمام في "حي الباشورة" والتي راح ضحيتها سبعة عشر شخصا بينهم أطفال ونساء ونجا منهم أربعة. ومن المجازر التي ارتكبت في حي "الباشورة" مجزرة عائلة الكيلاني وراح ضحيتها أربعة، ومجزرة مسجد الخانكان ومجزرة أبو علي طنيش وآل تركماني ومجزرة الثانوية الشرعية وراح ضحية هذه المجازر ما يزيد عن ستين شخصا بينهم أطفال ونساء. في اليوم التاسع من المجزرة دهست دبابات النظام مواطنين فروا من النيران عرف منهم صالح عبد القادر الكيلاني (52 عاما) و فواز صالح الكيلاني (21 عاما).
مجزرة حي العصيدة:وفي اليوم الحادي عشر وقعت مجزرة آل المصري في "حي العصيدة" حيث أطلقت قوات النظام الرصاص على أربعين من سكان الحي فقتلتهم جميعا. وبعد دخول (حي) "الدباغة" بخمسة أيام قتلت السلطات ستة أفراد من آل الصحن وقامت بنهب البيت.
مجزرة حي الشمالية: وتفيد المعلومات أن مئات المواطنين العزّل قتلوا في حي "الشمالية" في اليوم الرابع عشر من المجزرة بعد أن لجؤوا إلى أقبية البيوت للاحتماء من بطش قوات النظام. ومن أبرز المجازر التي وقعت في هذا الحي مجزرة آل الزكار ومجزرة زقاق آل كامل ومجزرة آل عصفور.
مجزرة حي الشرقية: وفي اليوم السابع عشر جمعت قوات السلطة من بقي من أهل حي "الشرقية" وجردوا الرجال من ملابسهم في البرد الشديد ثم حشروا الجميع في مسجد وفجّروه بهم فقتلوا جميعا.
مجزرة حي البارودية: وفي اليوم الثاني والعشرين جمعت السلطات ما يزيد عن 25 من آل شيخ عثمان وذلك في حي "البارودية" وقتلتهم، وذهب ضمن هذه المجزرة أسرة محمد الشيخ عثمان حيث تشير المعلومات أن عناصر السلطة بقروا بطن زوجته الحامل وقتلوا الأطفال السبعة وأضرموا النار في البيت.
مجزرة الجامع الجديد:أما مجزرة الجامع الجديد فقد وقعت في اليوم الخامس والعشرين حيث ساقت قوات النظام 16 مواطنا من حي "القراية" لغرض نقل أمتعة منهوبة من البيوت والمحال وبعد أن قاموا بذلك نقلوا إلى المسجد الجديد بحي "المرابط" وأطلقوا عليهم الرصاص.
مجزرة مقبرة سريحين:وتعتبر مجزرة "مقبرة سريحين" أبشع المجازر الجماعية التي وقعت في حماة في أحداث شباط (1982) حيث ذهب ضحيتها أعداد كبيرة من المدنين من الرجال والنساء والأطفال، لم تعرف أعدادهم بالتحديد ولا أسماؤهم جميعا. فقد قامت قوات النظام بإحضار المئات من سكان المدينة على دفعات وأطلقت النار عليهم وألقت بجثثهم في خندق كبير. وبحسب شهادة أحد الناجين كان ضمن فوج ضم المئات وعند وصولهم إلى المكان وجدوا مئات الأحذية على الأرض وأكواماً من الجثث في الخندق. ويروي الناجي أن قسما منهم أُنزلوا إلى الخندق وآخرون تُرِكوا على حافته وأطلقت قوات النظام النار على الجميع فلم ينج منهم إلا بضعة أشخاص.
مجزرة معمل البورسلان: في معمل البورسلان وتحت إمرة الجيش مباشرة اقتاد الجنود الآلاف من الرجال.. تركوهم في العراء وتحت المطر والبرد بلا طعام.. وكانت التحقيقات تنتهي بجثث جديدة تتلقفها الأفران ذات الحرارة المرتفعة جداً في داخل المعمل


مجزرة العميان: داهم جنود سرايا الدفاع مدرسة للمكفوفين في منطقة المحطة. ويقوم على التدريس فيها شيوخ عميان مقيمون.. لم يجد الجنود في داخلها سواهم، ومعظمهم ناهز الستين من العمر.. وبعضهم متزوج وعنده عدد من الأولاد. كان الجنود يضربون الشيوخ بالجنازير.. فتسيل الدماء من رؤوسهم وأيديهم حتى يتوسل المكفوفون. لكن الجنود لم يتوقفوا عن الضرب إلا بعد أن يؤدي هؤلاء المساكين رقصات لإمتاع الجنود، وبعدها كانوا يشعلون النار في لحاهم، ويهدد الجنود من جديد -إما الرقص وإما الموت حرقاً. فيرقص الشيوخ العميان. والجنود يضحكون. وحين تنتهي المسرحية. يتقدم الجنود بكل بساطة، ويشعلون النار في ثياب المكفوفين، ثم يطلقون الرصاص، ويخر العميان صرعى، وتتابع جثثهم الاحتراق. من الذين قضوا في هذه المجزرة الشيخ شكيب وهو كفيف ناهز الستين من عمره، والشيخ أديب كيزاوي وعنده تسعة من الأطفال، والشيخ أحمد الشامية مقرئ القرآن الضرير.
مجزرة العلماء:أما علماء الدين فقد أخرجوهم من منازلهم ، وقتلوهم الواحد تلو الآخر. بدؤوا أولاً بمفتي حماة الشيخ بشير المراد، ويقع بيته في منطقة باب البلد.. ذهب الجنود إليه، وأخرجوه من داره مع مجموعة من أقربائه. وأخذوا يضربونه. ويـعفرون لحيته بالتراب. وقاموا بسحبه على الأرض، ثم أحرقوه وهو حي. قتل من هذه العائلة تسعة كلهم من علماء الدين. وقتلوا الشيخ منير حوراني مع ولديه. وكانوا قد أعدموا ابنه الشهيد رائد الحوراني قبل سنوات.واعتقلوا الشيخ عبد الله الحلاق حيث اقتادوه من أحد الملاجئ وكان مع مجموعة من أهل الحي إلى سوق الحدادين وأحرقوه مع أنه كان يجاوز الثمانين.ولم يوفروا الشيخ عبد الرحمن الخليل: وهو عالم ضرير.. ناهز الثمانين من العمر. وكان يسكن في حي الحاضر، وقد احترق منزله أثناء القصف الصاروخي، وعندما استنجد بالجنود الذين حوله ليساعدوه على الخروج، ألقوا على المنزل قنبلة حارقة، فتهاوى البيت كلياً، واحترق الشيخ داخله.
مجزرة الأطفال:في نهاية شارع الثامن من آذار، حيث يتقاطع مع سوق الطويل، يقع (الجامع الجديد) في داخله وقعت مجزرة رهيبة بعد أربعة عشر يوماً على بداية المجزرة. كان الناس قد بدؤوا يخرجون قليلاً إلى الشوارع. طلب الجنود من الأهالي التوجه نحو سيارات الخبز في طرف الشارع. أسرع عدد كبير من الأطفال، وكانوا بالعشرات، حملوا الخبز وقفلوا عائدين، اعترضهم الجنود، وطلبوا إليهم الدخول إلى الجامع الجديد، وهناك فتحوا عليهم النار.. وسقطت الأجساد الطرية، وسالت دماء الأطفال على الخبز الذي كان لا يزال في الأيدي الصغيرة.

مجزرة الفتيات كان الجنود يدخلون إلى الملاجئ، وينتقون الفتيات الصغيرات، ولا يعرف الأهل بعد ذلك عنهن شيئاً. في حمام الأسعدية الكائن في منتصف سوق الطويل، وجدت جثث كثيرة لفتيات معتدى عليهن ومقتولات.
مجازر المستشفى الوطني:وهذه المجازر فاقت الوصف والتصور. داخل المستشفى الوطني تمركزت واحدة من فرق الموت التابعة لسرايا الدفاع بصورة دائمة طوال الأحداث، وكان عملها أن تجهز على الجرحى من الأهالي. كان الوضع في داخل المستشفى رهيباً فظيعاً، القتلى بالعشرات يملأون الممرات والحديقة الخارجية، وفي بعض الأماكن تكدست الجثث فوق بعضها، وبدأت تفوح منها روائح الأجساد المتفسخة. معظم هؤلاء القتلى كانوا من الذين يرسلهم المعتقل الملاصق للمستشفى في المدرسة الصناعية حيث يموت كل يوم العشرات.أكثر الجثث كانت مشوهة أو مقطعة أو مهروسة أحياناً، وكان من الصعب التعرف على أي واحدة منها. تجمع كل يوم أكوام الجثث في سيارات النفايات، وتنقلها الشاحنات إلى الحفر الجماعية.أحياناً كان يفد إلى المستشفى بعض الجرحى. هؤلاء كانوا لا ينتظرون طويلاً. فإن فرقة الموت تباشر عملها بهمة ونشاط. وبالسكاكين والسواطير تعمد إلى تقطيع الجسد الجريح.في إحدى المرات، قتلوا جريحاً من حي الحاضر يدعى (سمير قنوت)، وأخرج أحد الجنود قلبه!

مذبحة دير ياسين

عشية احتلال فلسطين، وبهدف إقامة الكيان الصهيوني، قامت العصابات الصهيونية بعدد كبير من المذابح والمجازر في سبيل تحقيق ذلك الهدف، ولعلّ مجزرة دير ياسين التي حصلت في 9 نيسان ـ أبريل 1948م، تشكّل ذروة الإرهاب الصهيوني.
تبعد قرية دير ياسين عن القدس حوالي أربعة كيلو مترات إلى الغرب، وقد كان عدد سكانها أكثر من 700 فلسطيني في العام 1948.
وفي أجواء المناوشات العربية ـ الصهيونية، وفي ظلّ الدعم البريطاني للصهاينة، لم يكن أهالي تلك القرية الوادعة التي تحتضنها جبال القدس الشريف يعلمون أن شمس التاسع من نيسان ـ أبريل ستغيب حاملة معها أرواح الغالبية العظمى من أبنائها على يد عصابات الإرهاب الصهيوني.
في الساعة الثانية من صباح 9/4/1948م أُعطيت الأوامر بالهجوم على دير ياسين، فتحركت الوحدات الصهيونية لاكتساح القرية من الشرق والجنوب، وقد اشتركت في ذلك الهجوم مجموعة من السيارات المصفّحة وطائرة حربية قذفت القرية بسبع من قنابلها.

وقد قاوم سكان القرية المعتدين بما ملكت أيديهم من سلاح ووسائل بدائية واستطاعوا قتل عدد من الصهاينة.. ولكن القرية وقعت أخيراً بأيدي اليهود الذين رفعوا عليها العلم الصهيوني، وأثخنوا أهلها تقتيلاً ومنازلها تدميراً حتى مُحيت دير ياسين عن الخارطة.
وقد علّق قائد وحدة الهاغانا على وضع القرية المنكوبة في ذلك اليوم، بقوله: "كان ذلك النهار يوم ربيع جميل رائع، وكانت أشجار اللوز قد اكتمل تفتّح زهرها، ولكن كانت تأتي من كل ناحية من القرية رائحة الموت الكريهة ورائحة الدمار التي انتشرت في الشوارع، ورائحة الجثث المتفسخة التي كنا ندفنها جماعياً في القبر".
لم تكن قرية دير ياسين الوادعة بحاجة إلى هذا الهجوم الصهيوني العنيف لإخضاعها، لكنه كان جزءاً من خطة شاملة تهدف إلى تحطيم المقاومة العربية عسكرياً، وإخلاء الأهالي من مدنهم وقراهم بإثارة الرعب والفزع في نفوسهم.


وأدل شيء على ذلك هو قول الإرهابي مناحيم بيغن: "ما وقع في دير ياسين وما أذيع عنها ساعدا على تعبيد الطريق لنا لكسب معارك حاسمة في ساحة القتال، وساعدت أسطورة دير ياسين بصورة خاصة على إنقاذ طبريا وغزو حيفا".
...وهكذا تحوّل اسم هذه القرية العربية التي أبيد أهلها، ولم ينج منهم إلا أفراد قلائل، إلى رمز من رموز الإرهاب الصهيوني المرتبط بدوره بالعقيدة الإرهابية الصهيونية